بخلاف الحبس فإن العين فيه باقية على ملك الحابس، مدفوعة بأن الخروج عن الملك ليس من مقتضى الوقف بما هو وقف بل إنما يجيء من قبل التأبيد والمفروض أنه لم يقصده، إذ التحقيق كما سيجيء أن حقيقة الوقف هو الإيقاف، وحينئذ فإن قصد التأبيد استلزمه الخروج عن ملكه وإلا فلا، والدخول في ملك الموقوف عليه ممنوع حتى في المؤبد; والحاصل أن الإيقاف قدر مشترك بين الوقف والحبس، ولا فرق بينهما إلا بقصد التأبيد وعدمه، فمع عدم قصده يصير حبسا قهرا.
ويمكن أن يستدل على الصحة وإن كان حبسا في الواقع بصحيح ابن مهزيار «قلت له: روى بعض مواليك عن آبائك (عليهم السلام) أن كل وقف إلى وقت معلوم فهو واجب على الورثة، وكل وقف إلى غير وقت جهل مجهول فهو باطل مردود على الورثة، وأنت أعلم بقول آبائك (عليهم السلام) فكتب (عليه السلام):
هو كذلك عندي» (1). وما يقال: من أن المراد من التوقيت وعدمه فيه هو ذكر الموقوف عليه وعدمه بقرينة صحيح الصفار «كتبت إلى أبي محمد (عليه السلام) أسأله عن الوقف الذي يصح كيف هو؟ فقد روي أن الوقف إذا كان غير موقت فهو باطل مردود على الورثة، وإذا كان موقتا فهو صحيح ممضى.
وقال قوم: إن الموقت هو الذي يذكر فيه أنه وقف على فلان وعقبه فإذا انقرضوا فهو للفقراء والمساكين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. قال:
وقال آخرون: هو موقت إذا ذكر أنه لفلان وعقبه ما بقوا، ولم يذكر في آخره للفقراء والمساكين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، والذي هو غير موقت أن يقول: هذا وقف، ولم يذكر أحدا، فما الذي يصح من ذلك والذي يبطل؟ فوقع (عليه السلام): الوقوف بحسب ما يوقفها أهلها إن شاء الله» (2).