وكان لنقفور فوكاس أطماع كثيرة أهمها الملك وثانيها استعادة بيت المقدس من أيدي المسلمين، فاما هدفه الأول فقد وصل إليه حينما عقد أواصر صداقة مع زوجة الإمبراطور، رومانوس حتى تزوج أرملته تيوفانو وأعلن نفسه امبراطورا وتسمى باسم نقفور الثاني وكان ذلك سنة 352 ه 963 م (1).
وكثيرا ما راودته الفكرة الثانية أي فكرة فتح بيت المقدس وقد وضح ذلك جليا حينما فتح طرسوس ووقف على منبرها وخطب قائلا ان هذه البلدة هي التي كانت تعوقه عن الوصول إلى بيت المقدس (2).
بعض أخباره ووقائعه أشار الأمير أبو فراس الحارث بن سعيد الحمداني إلى أكثر وقائع سيف الدولة وحروبه في قصيدته التي يفتخر فيها بقومه وعشيرته وقد مر قسم منها في ترجمة أبي فراس وذكرنا جملة منها في تراجم من تعرض لذكرهم فيها من قومه ونذكر منها هنا ما يتعلق بسيف الدولة ووقائعه قال:
فان يمض أشياخي فلم يمض مجدها * ولا دثرت تلك العلى والمآثر نشيد كما شادوا ونبني كما بنوا * لنا شرف ماض واخر غابر ففينا لدين الله عز ومنعة * ومنا لدين الله سيف وناصر هما وأمير المؤمنين مشرد * أجاراه لما لم يجد من يجاور ورداه حتى ملكاه سريره * بعشرين ألفا بينها الموت سافر وساسا أمور المسلمين سياسة * لها الله والاسلام والدين شاكر والمراد بهما ابنا عمه سيف الدولة علي بن عبد الله بن حمدان بن حمدون واخوه ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان بن حمدون والمراد بأمير المؤمنين هو المتقي وقد مر خبر استجارته بهما وتلقيبه إياهما بسيف الدولة وناصر الدولة في ترجمة ناصر الدولة في الحسن بن عبد الله بن حمدان ثم قال في مدح سيف الدولة وذكر وقائعه:
ألا قل لسيف الدولة القرم انني * على كل شئ غير وصفك قادر فلا تلزمني خطة لا أطيقها * فمجدك غلاب وفضلك باهر ولو لم يكن فخري وفخرك واحدا * لما سار عني بالمدائح سائر ولكنني لا أغفل القول عن فتى * اساهم في عليائه وأشاطر وعن ذكر أيام مضت ومواقف * مكاني منها بين الفضل ظاهر مساع يضل القول فيهن كله * وتهلك في أوصافهن الخواطر بناهن باني الثغر والثغر دارس * وحافظ دين الله والدين داثر ونازل منه الديلمي بأزرق * لجوج إذا نادى مطول مصابر قال ابن خالويه: افتتح سيف الدولة ديار بكر سنة 343 وقلدها أبا جعفر الديلمي فعصى وسار فتحصن بارزن فنزل عليه سيف الدولة حتى أنزله قهرا واستباح بلاده والى ذلك أشار أبو فراس بقوله ونازل منه الديلمي بارزن قال:
وذلت له بالسيف بعد إبائها * ملوك بني الجحاف تلك المساعر قال ابن خالويه: ملوك بني الجحاف أبو اليقظان الاعلى ابن مسلمة السلمي نازله سيف الدولة في بلده حتى فتحه وهرب إلى بلاد الروم فأمده ملك الروم ببطريق في عشرين ألفا فهزمهم وعاد السلمي فدخل في جملة أصحاب سيف الدولة ورده إلى بلده ورضي عنه. وقصد أبا العز السلمي وأبا سالم فاخذ بلدانهم ثم ردها عليهم فأقرهم عليها فصاروا من جملة أصحابه. قال:
وشق إلى نفس الدمستق جيشه * بأرض سلام والقنا متشاجر قال ابن خالويه: غزا سيف الدولة في سنة 334 حتى نزل حصن بني زياد، فاقبل الدمستق في ثمانين ألفا حتى أحاط بالعسكر في موضع يقال له سلام، فأشاروا على سيف الدولة بأخذ ما خف والهرب فابى وناجزهم وهرب الدمستق قال:
سقى ارسناسا مثله من دمائهم * عشية غصت بالقلوب الحناجر وبات يدير الرأي من أين وجهه وذو الحزم ناهية وذو العزم آمر ارسناس بفتح الهمزة وسكون الراء وفتح السين المهملة ونون وألف وسين أخرى، في معجم البلدان: اسم نهر في بلاد الروم يوصف ببرودة مائه عبره سيف الدولة ليغروا فقال المتنبي:
حتى عبرن بارسناس سوابحا * ينشرن فيه عمائم الفرسان يقمصن في مثل المدى من بارد * يذر الفحول وهن كالخصيان والماء بين عجاجتين مخلص * تتفرقان به وتلتقيان قال:
وأوردها أعلى ثنية آمر * بعيد مغار الجيش ألوى مخاطر وساق نميرا أعنف السوق بالقنا * فلم يمس شامي ولم يضح جازر قال ابن خالويه أخذت خيل بني نمير من نواحي نصيبين خروفا من غنم راع وسيف الدولة فيها فنهض إليهم فطردهم إلى الدالية قال:
وناهض أهل الشام منه مشيع * يسيره الاقبال فيمن يساير له وعليه وقعة بعد وقعة * ولو بأطراف الأسنة عاقر فلا هو فيما سره متطاول * ولا هو فيما ساءه متقاصر ولما رأى الاخشيد ما قد أظله * تلافاه يثني غربه ويكاسر رأى الصهر والرسل الذي هو عاقد * تنال به ما لا تنال العساكر قال ابن خالويه: كانت له وقائع مع الاخشيد وكانت الحروب بينهما سجالا ولما تطاولت الحروب راسله بالصلح فأجاب إليه سيف الدولة وتزوج ابنة الاخشيد ولم يدخل بها قال وأوقع في جلباط بالروم وقعة * بها العمق واللكام والبرج فاخر في معجم البلدان: جلباط بالضم ناحية بجبل اللكام بين أنطاكية ومرعش كانت بها وقعة لسيف الدولة ابن حمدان بالروم افتخر بها أبو فراس فيما افتخر فقال وأوقع في جلباط وذكر البيت، وفيه: عمق بفتح أوله وسكون ثانيه واخره قاف كورة بنواحي حلب وإياه عنى أبو الطيب المتنبي حيث قال مخاطبا سيف الدولة:
ومثل العمق مملوء دماء * مشت بك في مجارية الخيول وقال أبو العباس الصفري شاعر سيف الدولة يذكر العمق:
وكم شامخ عالي الذرى قد تركته * وارفعه دك وأسفله سهب وأوقعت بالاشراك في العمق وقعة * تزلزل من أهوالها الشرق والغرب وفيه اللكام بالضم وتشديد الكاف ويروى بتخفيفها وهو في شعر المتنبي مخفف فقال: