الدولة، فاجابه إلى ذلك، فحضر عنده بتستر، فلم يلتفت إليه لئلا يستوحش عميد الجيوش، ثم أن أبا العباس بن واصل صاحب البصرة عاد إلى الأهواز في جيشه، وبهاء الدولة مقيم بها، فلما قاربها رحل بهاء الدولة عنها لقلة عسكره وتفرقهم وقطع قنطرة اربق وبقي النهر يحجز بين الفريقين، وعزم بهاء الدولة على العود إلى فارس، فمنعه أصحابه فاصلح أبو العباس القنطرة وعبر عليها والتقى العسكران، واشتد القتال، فانهزم أبو العباس وقتل من أصحابه كثير وعاد إلى البصرة مهزوما منتصف رمضان سنة 396 فجهز بهاء الدولة إليه العساكر مع وزيره أبي غالب فسار إليه وحاصره، وجرى بين العسكرين القتال وقل المال عند الوزير واستمد بهاء الدولة فلم يمده، ثم أن أبا العباس اصعد إلى عسكر الوزير وهجم عليه فانهزم الوزير وكاد يتم على الهزيمة فاستوقفه بعض الديلم وثبته وحملوا على أبي العباس فانهزم هو وأصحابه واخذ الوزير سفنه، فاستامن إليه كثير من أصحابه ومضى أبو العباس منهزما إلى الكوفة ودخل الوزير البصرة وكتب إلى بهاء الدولة بالفتح، ثم أن أبا العباس سار من الكوفة عازما على اللحاق ببدر بن حسنويه فبلغ خانقين، وبها جعفر بن العوام في طاعة بدر، فانزله وأكرمه، وأشار عليه بالمسير في وقته وحذره الطلب، فاعتل بالتعب وطلب الاستراحة ونام، وبلغ خبره إلى أبي الفتح بن عناز وهو في طاعة بهاء الدولة، وكان قريبا منهم، فسار إليهم بخانقين، فحصره واخذه وسار به إلى بغداد، فسيره عميد الجيوش إلى بهاء الدولة فلقيهم في الطريق قاصد من بهاء الدولة يأمره بقتله، فقتل وحمل رأسه إلى بهاء الدولة وطيف به بخوزستان وفارس وواسط، وكان في نفس بهاء الدولة على بدر بن حسنويه حقد لما اعتمده في بلاده لاشتغاله عنه بأبي العباس ابن واصل، فلما قتل أبو العباس أمر بهاء الدولة عميد الجيوش بالسير إلى بلاده، وأعطاه مالا أنفقه في الجند، فجمع عسكرا وسار يريد بلاده، فأرسل إليه بدر: انك لم تقدر أن تأخذ ما تغلب عليه بنو عقيل من أعمالكم وبينهم وبين بغداد فرسخ، حتى صالحتهم، فكيف تقدر علي ومعي من الأموال ما ليس معك، وانا معك بين أمرين: أن حاربتك فالحرب سجال، ولا تعلم لمن العاقبة، فان انهزمت أنا لم ينفعك ذلك لأنني احتمي بقلاعي ومعاقلي وأنفق أموالي، وإذا عجزت فانا رجل صحراوي صاحب عمد أبعد ثم أقرب، وإن انهزمت أنت لم تجتمع وتلقى من صاحبك العسف. والرأي أن احمل إليك ما لا ترضي به صاحبك ونصطلح. فاجابه إلى ذلك وصالحه واخذ منه ما كان أخرجه على تجهيز الجيش، وعاد عنه. وفي سنة 398 قصد أبو جعفر بن كاكويه الملك بهاء الدولة وأقام عنده، وكان ابن خال والدة مجد الدولة وكانت استعملته على أصبهان، فلما فارقت ولدها فسد حاله فقصد بهاء الدولة، ثم عادت إلى ابنها بالري فهرب إليها فاعادته إلى أصبهان. وفي سنة 400 وقع الخلف والحرب بين بدر بن حسنويه الكردي وابنه هلال فأرسل بدر إلى الملك بهاء الدولة يستنجده، فجهز فخر الملك أبا غالب في جيش وسيره إلى بدر، فسار حتى وصل إلى سابور خواست، فقال هلال لأبي عيسى شاذي قد جاءت عساكر بهاء الدولة فما الرأي؟ قال الرأي أن تتوقف عن لقائهم وتبذل لبهاء الدولة الطاعة وترضيه بالمال فإن لم يجيبوك فضيق عليهم وانصرف بين أيديهم فإنهم لا يستطيعون المطاولة، فقال غششتني ولم تنصحني، وأردت بالمطاولة أن يقوى أبي واضعف انا وقتله وسار ليكبس العسكر ليلا فركب فخر الملك في العساكر وجعل عند اثقالهم من يحميها، فلما رأى هلال صعوبة الامر ندم وعلم أن أبا عيسى بن شاذي نصحه فندم على قتله، ثم ارسل إلى فخر الملك اني ما جئت لقتال انما جئت لاكون قريبا منك وانزل على حكمك، فترد العسكر فاني ادخل في الطاعة، فمال فخر الملك إلى ذلك وأرسل الرسول إلى بدر. فأرسل إلى فخر الملك أن هذا مكر من هلال لما رأى ضعفه، والرأي أن لا تنفس خناقه، فلما سمع فخر الملك الجواب قويت نفسه وكان يتهم بدرا بالميل إلى ابنه وامر الجيش بالحرب، فلم يكن بأسرع من اتى بهلال أسيرا فقبل الأرض وطلب أن لا يسلمه إلى أبيه فاجابه إلى ذلك وطلب علامته بتسلم القلعة فأعطاهم العلامة فامتنعت امه ومن بالقلعة من التسليم وطلبوا الأمان فامنهم فخر الملك وصعد القلعة بأصحابه ثم نزل وسلمها إلى بدر واخذ ما فيها من الأموال وغيرها، وكانت عظيمة قيل كان بها أربعون ألف بدرة دراهم وأربعمائة بدرة ذهبا سوى الجواهر النفيسة والثياب والسلاح وغير ذلك.
وأكثر الشعراء في ذلك فقال مهيار من قصيدة:
ولو لم تكن في العلو السماء * لما كان غنمك منها هلالا سريت إليه فكنت السرار * له ولبدر أبيه كمالا وفي سنة 401 خطب قرواش بن المقلد أمير بني عقيل للحاكم بأمر الله العلوي صاحب مصر باعماله كلها: الموصل والأنبار والمدائن وغيرها، فأرسل القادر القاضي أبا بكر ابن الباقلاني إلى بهاء الدولة يعرفه ذلك، فأكرم بهاء الدولة القاضي أبا بكر، وكتب إلى عميد الجيوش يأمره بالمسير إلى حرب قرواش، وخلع على القاضي أبي بكر وولاه قضاء عمان والسواحل، وسار عميد الجيوش إلى حرب قرواش، فأرسل يعتذر وقطع خطبة العلويين، وأعاد خطبة القادر، وفيها توفي عميد الجيوش أبو علي بن أستاذ هرمز وكان من حجاب عضد الدولة وجعله عضد الدولة في خدمة ابنه صمصام الدولة فلما قتل اتصل ببهاء الدولة فلما مات استعمل بهاء الدولة مكانه بالعراق فخر الملك أبا غالب. ولما عمر بهاء الدولة داره بسوق الثلاثاء نقل إليها من أنقاض دار معز الدولة ابن بويه وأخذ شقفا منها وأراد أن ينقله إلى شيراز فلم يتم له ذلك فبذل فيه لمن يحك ذهبه ثمانية آلاف دينار فكان هو أول من شرع في تخريبها وكان معز الدولة بناها وعظمها وغرم عليها ألف ألف دينار فلما كان سنة 418 نقضت وبيعت أنقاضها فسبحان من لا يدوم إلا ملكه اه.
حبيب الدين فيروز شاة الشهير بزرين بن أبي المكارم معين الدين محمد بن شرفشاه بن أبي رافع محمد بن أبي الصلاح حسن بن محمد ابن أبي شجاع موسى المتقدم في إبراهيم بن أبي شجاع.
قال السيد صامن: كان جم الفضائل حسن الشمائل موصوفا بمكارم الأخلاق ومحاسن الآداب رحل من بلاد العرب إلى بلاد فارس وقطن بأردبيل اثنتي عشرة سنة مستقلا بطلب العلوم الشريفة.
الشيخ فيض الله له رسالة في أنواع الحيوان وآداب الصيد والذباحة وكيفيتهما فارسية ألفها بأمر الشاة طهماسب الصفوي وجدت منها نسخة في كرمانشاه.