من أهل البصرة فقال له أنا أدلك على عبد الله بن هاشم بن عتبة أكتب إلى زياد فإنه عند فلانة المخزومية فدعا كاتبه فكتب من معاوية بن أبي سفيان إلى زياد بن أبي سفيان إما بعد فإذا أتاك كتابي هذا فاعمد إلى حي بني مخزوم ففتشه دارا دارا حتى تأتي إلى دار فلانة المخزومية فاستخرج عبد الله ابن هاشم المرقال منها فاحلق رأسه والبسه جبة شعر وقيده وغل يده إلى عنقه واحمله على قتب بعير بغير وطاء ولا غطاء وانفذ به إلي. قال المرزباني فاما الزبير بن بكار فإنه قال أن معاوية قال لزياد لما بعثه إلى البصرة أن عبد الله ابن المرقال في بيوت بني ناجية بالبصرة عند امرأة منهم يقال لها فلانة فانا أعزم عليك إلا حططت رحلك ببابها ثم اقتحمت الدار واستخرجته منها وحملته إلي فلما دخل زياد البصرة وسال عن بني ناجية وعن المرأة فاقتحم الدار واستخرجه منها فانفذه إلى معاوية فوصل إليه يوم الجمعة وقد لاقي نصبا كثيرا ومن الهجير ما غير جسمه وكان معاوية يأمر بطعام فيتخذ في كل جمعة لاشراف قريش ولاشراف الشام ووفود العراق فلم يشعر معاوية إلا وعبد الله بين يديه وقد ذبل وسهم وجهه فعرفه معاوية ولم يعرفه عمرو بن العاص فقال معاوية يا أبا عبد الله أ تعرف هذا الفتى قال لا قال هذا ابن الذي كان يقول بصفين:
أعور يبغي أهله محلا * قد عالج الحياة حتى ملا لا بد أن يغل أو يغلا قال عمرو وأنه لهو دونك الضب المضب فاشخب أوداجه ولا ترجعه إلى أهل العراق فإنهم أهل شقاق ونفاق وله مع ذلك هوى يرديه وبطانة تغويه والذي نفسي بيده لئن أفلت من حبائلك ليجهزه إليك جيشا تكثر صواهله بشر يوم لك فقال عبد الله وهو في القيد يا ابن الأبتر هلا كانت هذه الحماسة عندك يوم صفين ونحن ندعوك إلى البراز وتلوذ بشمائل الخيل كالأمة السوداء والنعجة القرداء أما أن قتلني قتل رجلا كريم المخبرة حميد المقدرة ليس بالجبس المنكوس ولا المثلب المركوس فقال عمرو دع كيت وكيت فقد وقعت بين لحيي لهذم فراس للأعداء يسعطك اسعاط الكودن الملجم قال عبد الله أكثر ائتمارك فاني أعلمك بطرا في الرخاء جبانا في اللقاء هيابة عند كفاح الأعداء ترى أن تقي مهجتك بان تبدي سوءتك أ نسيت صفين وأنت تدعى إلى النزال فتحيد عن القتال خوفا أن يغمرك رجال لهم أيد شداد واسنة حداد ينهبون السوح ويذلون العزيز قال عمرو لقد علم معاوية اني شهدت تلك المواطن فكنت فيها كمدرة الشول ولقد رأيت أباك في بعض تلك المواطن تخفق أحشاؤه وتنق أمعاؤه قال إما والله لو لقيك أبي في ذلك المقام لارتعدت منه فرائصك ولم تسلم منه مهجتك ولكنه قاتل غيرك فقتل دونك فقال معاوية أ لا تسكت لا أم لك قال يا ابن هند أ تقول لي هذا والله لئن شئت لأعرقن جبينك ولأقيمنك وبين عينيك وسم يلين له أخدعاك أ بأكثر من الموت تخوفني فقال معاوية أ وتكفي يا ابن أخي وأمر به إلى السجن فقال عمرو: امرتك أمرا حازما فعصيتني الأبيات المتقدمة فقال عبد الله الأبيات المتقدمة.
ثم قال له معاوية أ تراك فاعلا ما قال عمرو من الخروج علينا قال لا تسأل عن عقيدات الضمائر لا سيما إذا أرادت جهادا في طاعة الله قال إذ يقتلك الله كما قتل أباك قال ومن لي بالشهادة فاخذ عليه معاوية موثقا أن لا يساكنه بالشام فيفسد عليه أهله.
أبو أحمد عبد الله بن محمد بن ورقاء الشيباني.
هو عم جعفر بن ورقاء بن محمد بن ورقاء المتقدم في محله كان من امراء بني ورقاء وشعرائهم ويدل على أنه عم جعفر المذكور قول أبي فراس في أبياته الآتية من ظلم عمك يا ابن عم وقول جعفر بن ورقاء في أبياته الآتية أيضا وجور ما قد قال عم كما نبهنا عليه في ترجمة جعفر المذكور قال في اليتيمة: أبو محمد جعفر وأبو احمد عبد الله أبناء ورقاء الشيباني من رؤساء عرب الشام وقوادها المختصين بسيف الدولة وما منهما إلا أديب شاعر جواد ممدح وبينهما وبين أبي فراس مراسلات ومجاوبات اه.
ولما قتل الصباح مولى عمارة المحرفي وكان سيف الدولة قلده قنسرين فقصد قاتليه مطالبا لهم بدمه ثم كف عنهم عن قدرة وأقرهم بالجزيرة بتوسط أبي فراس وسمع أبو أحمد بن ورقاء الشيباني الخبر في ذلك فقال قصيدة يهنئ بها سيف الدولة بغزوته هذه ويفاخر مضر بأيام بكر وتغلب في الجاهلية والاسلام أولها (1).
ارسما بسابروج أبصرت عافيا * فأذكرك العهد الذي كنت ناسيا وهي قصيدة طويلة جدا وأورد منها في اليتيمة بعض أبيات فقال في ترجمة أبي أحمد عبد الله بن محمد بن ورقاء الشيباني وله من قصيدة:
ألا ليت شعري والحوادث جمة * وما كنت من دهري إلى الناس شاكيا أمخترمي ريب المنون بحسرة * تبلغ نفسي من شجاها التراقيا إلى الله أشكو أن في الصدر حاجة * تمر بها الأيام وهي كما هيا قال ومنها في ذكر بني كعب وايحاشهم سيف الدولة حتى أضربهم:
وإنهم لما استهاجوا صياله * وما كان عن مستوجب البطش دانيا قال ابن خالويه فلما سمع أبو فراس ما عمل فيها عمل قصيدة على هذا الشرح يذكر فيها أسلافهم ومناقبهم.
أولها:
لعل خيال العامرية زائر * فيسعد مهجور ويسعد هاجر هكذا في نسخة مخطوطة من ديوان أبي فراس وفي نسخة أخرى كان الأمير سيف الدولة قد ظفر ببني عامر بن صعصعة ومن اجتمع منهم من طي وكلب على مخالفته وكتب أبو أحمد عبد الله بن ورقاء الشيباني بقصيدة إليه يهنؤه بالظفر ويفاخر فيها مضرا ببكر وتغلب وذكر أيامها في الجاهلية وغيرها فعمل أبو فراس على وزنها قصيدة يذكر فيها آباءه وأسلافه وأهله الأقربين في الاسلام دون الجاهلية وهي لعل خيال العامرية زائر وذكر القصيدة وقد مر أكثرها في ترجمة أبي فراس الحارث بن سعيد الحمداني.
وفي هذه القصيدة يقول أبو فراس مخاطبا بني ورقاء:
فقل لبني ورقاء إن شط منزل * فلا العهد منسي ولا الود داثر وكيف يرث الحبل أو تضعف القوى * وقد قربت قربى وشدت أواصر ثم يقول مخاطبا أبا احمد عبد الله بن محمد بن ورقاء ورادا عليه في افتخاره بأيام بكر وتغلب في الجاهلية.