ولا نتوسع في سرد تفاصيل هذه المعركة بل نعود إلى ما نحن بصدده فنقول أن مؤرخنا لم يكد يسمع بجلاء المغول عن بلاد الشام حتى عاد إلى حلب ليرى ما نزل ببلدته الحبيبة من بلاء.
وحين عاد رأى كل شئ في مدينته يدعو إلى الرعب والوحشة.
مدينة صامتة كأنها مقبرة.
أين قصر الملك الناصر؟
أين بيوت آل العديم؟ ما فعل بجوامعها ومدارسها وقصورها؟
لقد أصبح أكثرها خرابا يبابا.
وإذ رأى ذلك لم يطق المقام في بلدته ومسقط رأسه فما كان منه الا أن قفل راجعا إلى مصر بعد أن ودعها بقصيدة حزينة.
وفي مصر عاش أيامه الأخيرة، يكتب ويؤلف، وقد أحبته مصر فأكرمته، وما زال فيها إلى أن وافاه القدر سنة 660 ه فدفن بسفح المقطم من القرافة بالقرب من المسجد المعروف بالعرض، بتربة موسى بن يغمور، فكان، كما وصفه الذهبي صاحب تاريخ الاسلام، عديم النظير فضلا ونبلا وذكاء ورأيا ودهاء ومنظرا ورواء ومهابة، وكان، إلى هذا، محدثا ومؤرخا صادقا، وفقيها مفتيا، ومنشئا بليغا.
عمر بن أبي سلمة ربيب رسول الله ص قتل بصفين سنة 37 كان من رجال علي ع ولما كان يوم الجمل قالت أم سلمة يا أمير المؤمنين لولا أن اعصي الله عز وجل وانك لا تقبله مني لخرجت معك وهذا ابني عمر والله لهو أعز علي من نفسي يخرج معك فيشهد مشاهدك فخرج معه وكان على الميسرة واستعمله على البحرين وقتل معه بصفين وكان شاعرا.
عمر بن حارثة الأنصاري كان مع محمد بن الحنفية يوم الجمل وقد لامه أبوه لما أمره بالحملة فتقاعس فقال:
أبا حسن أنت فصل الأمور * يبين بك الحل والمحرم جمعت الرجال على راية * بها ابنك يوم الوغى مفعم ولم ينكص المرء من خيفة * ولكن توالت له أسهم فقال رويدا ولا تعجلوا * فاني إذا رشقوا مقدم فأعجلته والفتى مجمع * بما يكره الرجل المحجم سمي النبي وشبه الوصي * ورايته لونها العندم أبو علي وقيل أبو حفص عمر الأشرف بن حسين بن علي بن أبي طالب هو أخو زيد الشهيد لامه وأبيه وأسن منه وانما قيل له الأشرف بالنسبة إلى عمر الأطرف بن أمير المؤمنين ع عم أبيه فان هذا لما نال فضيلة ولادة الزهراء ثم كان أشرف من ذاك قسمي من طرف واحد وهو طرف أبيه أمير المؤمنين وعليه فيكون الأطرف قد لقب بذلك بعد ولادة الأشرف وإلى الأشرف ينتهي نسب السيدين المرتضى والرضي من قبل أمهما. قال المرتضى في شرح المسائل الناصرية: واما عمر بن علي بن الحسين فلقبه الأشرف فإنه كان فخم السيادة جليل القدر والمنزلة في الدولتين معا الأموية والعباسية وكان ذا علم وقد روي عنه الحديث.
عمير بن المتوكل من شعره قوله:
كنا كشارب سم خان مهلكه * أغاثه الله بالترياق من كثب هاجت بمصرعه الدنيا فما سكنت * الا باسمهم المحاء للريب عمير بن عطارد بن حاجب بن زرارة التميمي كان من أصحاب علي ع وقاتل معه بصفين: قال نصر بن مزاحم في كتاب صفين ان عليا كان لا يعدل بربيعة أحدا من الناس فشق ذلك على مضر فقام أبو الطفيل عامر ابن وائلة الكناني فقال أن هذا الحي من ربيعة قد ظنوا انهم أولى بك منا فاعفهم عن القتال أياما واجعل لكل امرئ منا يوما يقاتل فيه فانا إن اجتمعنا اشتبه عليك بلاؤنا فأعطاهم علي ذلك فقاتل أبو الطفيل بقومه كنانة يوم الخميس ثم غدا يوم الجمعة عمير بن عطارد بجماعة من بني تميم وهو يومئذ سيد مضر من أهل الكوفة فقال يا قوم اني اتبع اثار أبي الطفيل وتتبعون اثار كنانة فتقدم عمير برايته وهو يقول:
قد ضاربت في حربها تميم * إن تميما حظها عظيم لها حديث وله قديم * إن الكريم نسله كريم إن لم تردهم رايتي فلوموا * دين قويم وهوى سليم فطعن برايته حتى خضبها دما وقاتل أصحابه قتالا شديدا حتى أمسوا وانصرف عمير إلى علي وعليه سلاحه فقال يا أمير المؤمنين قد كان ظني بالناس حسنا وقد رأيت منهم فوق ظني بهم قاتلوا من كل جهة وبلغوا من عدوهم جهدهم وهم لهم إن شاء الله، ثم قاتل قبيصة بن جابر الأسدي في بني أسد يوم السبت وقاتل عبد الله بن الطفيل العامري في هوازن يوم الأحد.
أبو الرميح الخزاعي عمير بن مالك بن حنظل بن عبد شمس بن سعد بن غنم بن حليب بن جبير بن عدي بن سلول الخزاعي توفي في حدود سنة 100 كان شاعرا مكثرا الشعر في رثاء الحسين ع مقلا في غيره كما قال ابن النديم وكان أبوه مالك بن حنظلة من الصحابة كما في الإصابة وكان يزور آل محمد فيجتمعون له ويقرأ عليهم مراثيه.
حدث المرزباني قال دخل أبو الرميح إلى فاطمة بنت الحسين بن علي ع فانشدها مرثيته في الحسين ع:
أجالت على عيني سحائب عبرة * فلم تصح بعد الدمع حتى ارمعلت تبكي على آل النبي محمد * وما أكثرت في الدمع لا بل أقلت أولئك قوم لم يشيموا سيوفهم * وقد نكات أعداءهم حين سلت وإن قتيل الطف من آل هاشم * أذل رقابا من قريش فذلت