الشيخ عبد الله نعمة أبو الحسن بن علي بن الحسين ابن الشيخ عبد الله بن علي بن نعمة المشطوب العاملي الجبعي.
مولده ووفاته ولد سنة 1219 وتوفي فجر الثلاثاء لأربع بقين من شهر ربيع الثاني سنة 1303 في جبع ودفن فيها وعمره سبع وثمانون سنة ورثته الشعراء ومنهم هذا الفقير مؤلف الكتاب وأقام له مجلس الفاتحة الشيخ موسى شرارة في بنت جبيل وكنا يومئذ نقرأ عليه فيها وكذلك أقام له مجلس الفاتحة شريكه في الدرس الشيخ الفقيه الشيخ محمد حسن آل ياسين الكاظمي في الكاظمية.
أحواله كان عالما جليلا شاعرا أديبا ذا أخلاق سامية وصفات جليلة لطيف المعاشرة حاضر النكتة بهي الطلعة صبيح الوجه حسن السمت قرأ في جبل عامل ثم هاجر إلى العراق فقرأ في النجف الأشرف على كثير من علمائها المبرزين خصوصا أولاد الشيخ جعفر وتفقه بهم وكان مسلكه في الفقه مسلكهم وطلب أهل مدينة رشت عالما مرشدا يكون عندهم فاختاره لهم شيخه الشيخ علي ابن الشيخ جعفر فنهاه الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر عن ذلك وكانا حينئذ في الحجرة المدفون بها صاحب مفتاح الكرامة فقال له اني طلبت إلى إيران فنهاني صاحب هذا القبر وقال لي اني أتوسم فيك مخايل الرياسة فابق في النجف ولا تخرج منها تكن من الرؤساء قال المترجم فخالفته وذهبت إلى رشت. وقد ندمت لمخالفته وبقي في رشت نحو اثني عشرة سنة ثم عاد إلى جبل عامل فسكن جبع واصل عائلته من حبوش.
وكان حسن الحديث لسنا طلق اللسان حلو العبارة لطيف الإشارة عذب الألفاظ لو جالسته الدهر لما أحدث لك طول مجالسته مللا بل تود ان يكون لكل جارحة منك سمع.
ولما عاد إلى جبل عامل وسكن جبع رأس في جميع البلاد ورجعت إليه ناس في جميع الأمور الدينية وكانت له الرياسة المطلقة الدينية في جبل عامل وجميع بلاد الشيعة في سورية ونال عند الناس مقاما وموقعا في النفوس لم يصل إليه غيره حتى صارت تضرب به الأمثال فإذا أرادوا التبرم بمن يطيل الصلاة قالوا له هل صلاتك صلاة الشيخ عبد الله نعمة وإذا مدت المرأة يدها إلى محرز الحب أو الطحين تقول يا بركة الله وبركة الشيخ عبد الله.
وسب رجل قصاب الدين في بلدة النبطية التحتا فأخبر الشيخ بذلك فنهى عن اكل ذبيحته فلم يشتر منه أحد فجاء إلى الشيخ خاضعا ذليلا تائبا نادما وكان عبرة لغيره.
وأسس في جبع مدرسة دينية اجتمع فيها عدد كثير من الطلاب من جميع انحاء البلاد وأنفق الحاج سليمان الزين في سبيلها كثيرا من المال لكن هذه المدرسة لم تف بالغرض المطلوب من أبنائها لأنه رحمه الله كان يقتصر في بحثه على الفقه خاصة ويكل سائر العلوم من علوم العربية والبلاغة والمنطق والأصول وغيرها إلى غيره كما أنه كان يكل إدارة المدرسة إلى غيره وكان الذين يحضرون درسه في الفقه غير متشبعين بما يحتاج إليه علم الفقه من المقدمات فلم يستفيدوا في الفقه كبير فائدة وكان من أوكل إليهم إدارة المدرسة يسيرون بها على الطريقة القديمة العقيمة في كيفية التدريس والقاء الدروس فكانوا يقضون عشرات السنين في علمي النحو والصرف ويلقون الدرس معرضين عن عبارة الكتاب وتفسيرها ويلقون أبحاثا خارجة عنها لا يفهم الطلاب جملة منها ولعل الأساتذة أيضا كانوا لا يفهمون جملة مما يلقونه فكانت الفائدة الحاصلة من تلك المدرسة لا تتناسب مع الجهود والأموال والأوقات التي صرفت عليها وأخيرا ترك التدريس وعطلت المدرسة وتفرق طلابها. رأيته مرتين في جبل عامل فرأيت رجلا مهيبا وقورا بهي الطلعة أبيض الوجه واللحية وكنت صغير السن وكانت له في كل سنة دورة على عموم بلاد الشيعة فيأتي إلى بلاد بشارة وجبل لبنان وبلاد بعلبك ودمشق وبلاد حمص وحلب وغيرها وكان كثيرا ما يصوم شهر رمضان في دمشق لكن لا يصل إليه الا وجوه الشيعة وشيوخهم فتقل بذلك الفائدة من وجوده وكان يذهب في أموره مذهب علماء العجم لسكناه مدة في بلادهم ورأيت ورقة بخطه في دمشق يثبت بها نسب آل الشجاع الدمشقيين وانهم من ذرية الفاطميين ويثبت نسب الفاطميين كما رأيت خط عم والدي السيد احمد ابن السيد محمد الأمين في دمشق باثبات نسبهم.
وكان حسن الإدارة لاملاكه وأمواله يقوم عليها بنفسه ويقتني بغلا يحمل عليها نواتج ارضه وأشجاره وأنشأ بستانا في جبع اسمه الكسارة كان يضرب المثل في عمرانه وبه كان مدفنه ثم أصبح بعد وفاته اثرا بعد عين قد استولى عليه الخراب وكان له جاه عظيم عند امراء البلاد لا سيما علي بك الأسعد صاحب تبنين وابن عمه محمد بك وكان إذا جاء إلى بلاد بشارة يستقبلانه مع اتباعهما ووجوه البلاد إلى جسر القاقعية على نهر الليطاني فيحضر معهما إلى تبنين ولا يصعد إلى القلعة مقر امارة علي بك ولا يقبل دعوته ولا يأكل طعامه ويقول له أنت ظالم لا ادخل منزلك ولا آكل زادك وينزل في دار رجل صالح متفقه يسمى الشيخ حمود في قرية تبنين ومع ذلك فعلي بك يعظمه تعظيما لا يصل إليه أحد فيستقبله إلى الجسر مسافة نحو أربع ساعات وإذا كتب له الشيخ كتابا شفاعة في أحد أو لأمر من الأمور قصه سطورا واستشفى به للمرضى فيذيبه في الماء ويسقيه لهم أو يعلقه عليهم وجرت بعض الهنات بينه وبين آل الحر فبلغ ذلك الأميرين فسارا بخيلهما ورجلهما إلى جبع للانتقام فلما بلغ الشيخ ذلك جاء بنفسه حتى جلس على باب دارهم ومنع من الدخول إليها ولم يدع ان يجري على أحد منهم أقل أذية وتخلف بولد واحد ذكر هو الشيخ حسن ومرت ترجمته في بابها.
وقال صاحب تكملة أمل الآمل في حقه: فاضل فقيه ماهر في العلوم الدينية غير مدافع كان شيخ كل البلاد الشامية ولو كان في النجف لكان شيخ كل البلاد الاسلامية حدثني السيد العالم الفاضل الثقة العدل الضابط السيد محمد الهندي قال كنت جالسا تحت منبر شيخنا صاحب الجواهر مع العلماء فجاء الشيخ وصعد المنبر وقبل الشروع في الدرس قال كتب إلي بعض الاخوان من طهران ان الشاة محمد القاجاري في صف السلام قال إن عند الشيخ محمد حسن النجفي مصبغة الاجتهاد يصبغ فيها الطلبة ويرسلهم إلى إيران، مع أنه يعلم اني لم أشهد باجتهاد هؤلاء الذين كتبت بالرجوع في المسائل والقضاء إليهم فان مذهبي في المسألة معروف اني أجوز القضاء بالتقليد نعم ما شهدت في كل عمري باجتهاد أحد الا أربعة الشيخ عبد الله نعمة العاملي والشيخ عبد الحسين الطهراني والشيخ عبد الرحيم البلوجردي والحاج ملا علي الكني قال والغرض ان الشيخ عبد الله