ثم قال أبو فراس فيما حكاه عنه ابن خالويه في تتمة الكلام السابق:
وعدنا إلى درب موزار فوجدنا عليه قسطنطين بن الدمستق في الجموع فلم يمكن الخروج منه فعدنا إلى بلاد الروم وكمن لهم سيف الدولة في موضع آخر فقتلنا منهم مقتلة عظيمة قال الشاعر:
طلعت لهم فوق الدروع سحابة * تهمي بصوبي عثير وقتام والمسلمون بمعزل منهم سوى * من أفردوه لنصرة الاسلام وأبو فراس في الهياج أمامه * مثل الحسام بدا امام حسام ثم قصدنا الفرات فعبرنا فلما وصلنا إلى ارفنين بلغنا خبر الدمستق وخروجه إلى الشام ونادى سيف الدولة بالتاهب وسرنا نطوي المنازل حتى عدنا من سميساط ولحقه سيف الدولة وراء مرعش في ستمائة رجل مجهدين فأوقع بهم وهزمه وأسر قسطنين وقتل البطريق بن الملاين وضرب الدمستق في وجهه ونصرنا عليهم اه وفي معجم البلدان: ارقنين بالفتح ثم السكون وفتح القاف وكسر النون وياء ساكنة ونون بلد بالروم غزاه سيف الدولة بن حمدان وذكره أبو فراس فقال إلى أن وردنا ارقنين البيت اه وفي ذلك يقول أبو فراس من قصيدة أخرى:
وويلك من اردى أخاك بمرعش * وجلل ضربا وجه والدك العضبا قال:
رأى الثغر مثغورا فسد بسيفه * فم الدهر عنه وهو سغبان فاغر وهذا البيت مذكور في اليتيمة ولا ذكر له في نسخ الديوان التي بيدنا، قال في اليتيمة: سار سيف الدولة لبناء الحدث وهي قلعة عظيمة الشأن فاشتد ذلك على ملك الروم فجمع عظماء أهل مملكته وجهزهم بالصليب الأعظم وعليهم فردس الدمستق ثائرا بابنه قسطنطين في عدد لا يحصى حتى أحاطوا بعسكر سيف الدولة والتهبت الحرب واشتد الخطب وساءت ظنون المسلمين ثم انزل الله نصره فحمل سيف الدولة يخرق الصفوف طلبا للدمستق فولى هاربا وأسر صهره وابن بنته وقتل خلقا كثيرا من الروم وأكثر الشعراء في هذه الواقعة فقال أبو الطيب:
هل الحدث الحمراء تعرف لونها * وتعلم اي الساقيين الغمائم سقتها الغمام الغر قبل نزوله * فلما دنا منها سقتها الجماجم بناها فأعلى والقنا يقرع القنا * وموج المنايا حولها متلاطم وكان بها مثل الجنون فأصبحت * ومن جثث القتلى عليها تمائم وقد فجعته بابنه وابن بنته * وبالصهر حملات الأمير الغواشم قال:
ويوم على ظهر الأحيدب مظلم * جلاه ببيض الهند أبيض زاهر أتت أمم الكفار فيه يؤمها * إلى الحين ممدود المطالب كافر وهذان البيتان موجودان في معجم البلدان ولا يوجدان في الديوان قال:
فحسبي بها يوم الأحيدب وقعة * على مثلها في العز تثنى الخناصر عدلنا بها في قسمة الموت بينهم * وللسيف حكم في الكتيبة جائر إذ الشيخ لا يلوي ونقفور محجر * وفي القدالف كالليوث قساور فلم يبق الا صهره وابن بنته * وثور بالباقين من هو ثائر الأحيدب جبل وهو الذي يقول فيه المتنبي:
نثرتهم فوق الأحيدب نثرة * كما نثرت فوق العروس الدراهم قال ابن خالويه:
بنى سيف الدولة الحدث في سنة 343 والذي في النسخة 333 وهي غير مضمونة الصحة ولكن في معجم البلدان وكامل ابن الأثير 343 وزاحف الدمستق وجموع الروم معه فهزمه وأسر صهره وابن بنته فحبسهم فقال في ذلك أبو فراس: وحسبي بها... الأبيات:
ثم قال ابن خالويه: لما لحق الدمستق ما لحقه وأسر ابنه وابن أخيه ومات في حبس سيف الدولة جمع عساكره وقصد الثغور فسار إليه سيف الدولة والتقوا عند الحدث وسيف الدولة نازل عليهم فلما أشرف الدمستق على الأحيدب وهو جبل مطل عليها هال المسلمين ما رأوا وتسللوا عن سيف الدولة وكان في مدة يسيرة ممن بقي معه فحمل عليهم سيف الدولة فيمن ثبت معه وكان له بصيرة فأنزل الله عليه الصبر والنصر فولى الدمستق هاربا وأسر صهره وابن بنته وقرابات له فاستبقاهما سيف الدولة وقتل الباقي ويدل كلام ابن الأثير ان ذلك كان سنة 343 وكذلك قال ياقوت ان خروج سيف الدولة لبناء الحدث كان سنة 343 قال ابن خالويه وما زالت الرسل تتردد بينهما إلى أن أسر أبو فراس سنة 351 فوفق الله من الرأي ما عقد له وضمن للملك أثمان ما بقي من الاسرى بعد ما تفادى من البطارقة وغيرهم ومبلغه 240200 مائتا ألف وأربعون ألف ومائتا دينار رومية اه وقال:
وأجلى إلى الجولان كلبا وطيئا * واقفر عجب منهم وأشاعر وباتت نزار يقسم الشام بينها * كريم المحيا لوذعي مغاور علاءة كلب للضباب علاءة * وحاضر طي للجعافر حاضر في معجم البلدان عجب موضع بالشام في شعر عدي بن الرقاع اه والأشاعر لست اعرف معناه والأشعر من جبال الحجاز.
قال ابن خالويه: أوقع سيف الدولة بطئ وكلب ونفاهم عن جند حمص واسكن البلد نزارا اه قال:
وانقذ من مس الحديد وثقله * أبا وائل والدهر اجدع صاعر أبو وائل هو تغلب بن داود بن حمدان بن حمدون ومضى شرح ذلك مع بقية الأبيات في ترجمته قال:
وقد يكبر الخطب اليسير وينتحي * أكابر قوم ما جناه الأصاغر كما أهلكت كلبا غواة جناتها * وعم كلابا ما جناه الجعافر شرينا وبعنا بالسيوف نفوسهم * ونحن أناس بالسيوف نتاجر وصنا نساء نحن أولي بصونها * رجعن ولم تكشف لهن ستائر ينادينه والعيس تزجى كأنها * على شرفات الروم نخل مواقر الا ان من أبقيت يا خير منعم * عبيدك ما ناح الحمام السواجر فنرجوك احسانا ونخشاك صولة * لأنك جبار وانك جابر قوله وقد كبر الخطب اليسير، قال ابن خالويه أحدثت بنو كلاب حدثا بنواحي بالس ثم أجفلت فاسرى إليهم سيف الدولة من حلب وامر أبا فراس ان يعارضه من منبج فعارضه من بالس فلحقه بالجسر فأوقع بهم وملك الحريم والأموال فعف عن الحريم وكساهن والحقهن بأهلهن على المحامل وجاء مطر البلدي فسأله الابقاء فأجاب اه قال:
وجشمها بطن السماوة قائضا * وقد اوقدت نار السموم الهواجر نطرد كعبا حيث لا ماء يرتجى * لتعلم كعب اي قرم تصابر ونطلب كعبا حيث لا اثر يقتفى * لتعلم كعب اي عود تكاسر