وترجمة بقية الأجزاء إلى اللغة العربية ثم مضت عهود وعهود فكان أن قررت إدارة الثقافة والارشاد القومي في مصر أن تقوم بنشر هذا التاريخ. ولكننا لا نعلم أنه صدر في اللغة العربية غير قسم من المجلد الثاني الجزء الأول وهو تاريخ هولاكو.
نقله إلى اللغة العربية كل من محمد صادق نشأت ومحمد موسى هنداوي وفؤاد عبد المعطي الصياد، وراجعه وقدم له يحيى الخشاب. وطبع سنة 1960.
كما نشرت مع هذا القسم السيرة الطويلة النفيسة لرشيد الدين التي كتبها المستشرق الفرنسي كاترمير والتي ترجمها محمد القصاص.
وكذلك نشر الجزء الثاني من المجلد الثاني.
ووعد يحيى الخشاب في آخر مقدمته بنشر ما ينجز من الكتاب أولا بأول. ولا نعلم بعد هل تحقق شئ من هذا الوعد أم لا.
حرص رشيد الدين على حفظ مؤلفاته كان رشيد الدين حريصا على أن تصل مؤلفاته لا سيما جامع التواريخ إلى الأجيال الآتية. وقد كان يعلم ما كان يمكن أن يكون عليه، أو ما كان عليه مصير كثير من الكتب حين لا يكون في أيدي الناس منها إلا نسخ محدودة تذهب بها أيدي الحدثان لا سيما في العصور التي تكثر فيها الفتن وتعم الفوضى.
لذلك حرص أشد الحرص على أن يتخذ طريقه يكتب لمؤلفاته معها الوصول من جيل إلى جيل، فاستكتب عدة نسخ من كتبه مفردة ومجمعة، بالفارسية وبالعربية. كما استكتب مجلدا ضخما ضم كل مؤلفاته بالفارسية والعربية زيادة منه في الحرص على حفظها. وأودع ذلك في البناء الكبير الذي شاده في الربع الرشيدي ليكون مدفنا له. ثم توسع في الاحتياط فوقف قسما من ثروته لكتابة نسخة بالفارسية ونسخة بالعربية في كل عام من مجموعة مؤلفاته كلها لترسل إلى مدينة من مدن الاسلام الكبرى وتوقف على أهل تلك المدينة، وكتب في ذلك وصية جميلة طريفة مؤثرة.
ولكن كل ذلك الحذر لم يفد وضاع ما ضاع من مؤلفاته ووجد ما وجد شانه شأن كل المؤلفين في تلك العهود.
ولعل هذا الحرص هو الذي أوصل إلينا ما وصل، ولولاه لضاع الجميع، وقد كان مطمئنا إلى بناء الربع الرشيدي الذي حفظ فيه كتبه، ولكن الربع كله نهب بعد نكبته واحترقت مكتبته.
الفضل بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم ذكر الطبري في تاريخه أنه لما قتل عثمان قال الوليد بن عقبة بن معيط يحرض أخاه عمارة بن عقبة:
الا أن خير الناس بعد ثلاثة * قتيل التجوبي الذي جاء من مصر فان يك ظني بابن أمي صادقا * عمارة لا يطلب بذحل ولا وتر يبيت وأوتار ابن عفان عنده * مخيمة بين الخورنق والقصر فاجابه الفضل بن العباس يقول:
أ تطلب ثارا لست منه ولا له * وأين ابن ذكوان الصفوري من عمرو كما اتصلت بنت الحمار بأمها * وتنسى أباها إذ تسامى أولو الفخر (1) الا أن خير الناس بعد محمد * وصي النبي المصطفى عند ذي الذكر وأول من صلى وصنو نبيه * وأول من أردى الغواة لدى بدر فلو رأت الأنصار ظلم ابن عمكم * لكانوا من ظلمه حاضري النصر كفى ذاك عيبا أن يشيروا بقتله * وأن يسلموه للأحابيش من مصر وكان الفضل شاعرا مجيدا شهد له بذلك أمير المؤمنين ع بل شهد له بأنه أشعر قريش كما يأتي. روى نصر بن مزاحم في كتاب صفين أن عمرو بن العاص كتب إلى ابن عباس كتابا يوم حرب صفين وكتب في أسفله أبياتا يقول فيها:
طال البلاء وما يرجى له آسي * بعد الاله سوى رفق ابن عباس قولا له قول من يرجو مودته * لا تنس حظك أن الخاسر الناسي يا ابن الذي زمزم سقيا الحجيج له * أعظم بذلك من فخر على الناس كل لصاحبه قرن يساوره * أسد العرين أسود بين أخياس لو قيس بينهم في الحرب لاعتدلوا * العجز بالعجز ثم الرأس بالرأس انظر فدى لك نفسي قبل قاصمة * للظهر ليس لها راق ولا آسي إني أرى الخير في سلم الشام لكم * والله يعلم ما بالسلم من باس فيها التقى وأمور ليس يجهلها * إلا الجهول وما النوكى كاكياس فاجابه ابن عباس عن كتابه وقال لأخيه الفضل يا ابن أم أجب عمرا فقال الفضل:
يا عمرو حسبك من خدع ووسواس * فاذهب فليس لداء الجهل من آسي ألا تواتر طعن في نحوركم * يشجي النفوس ويشفي نخوة الرأس هذا الدواء الذي يشفي جماعتكم * حتى تطيعوا عليا وابن عباس أما علي فان الله فضله * بفضل ذي شرف عال على الناس إن تعلقوا الحرب نعلقها مخيسة * أو تبعثوها فانا غير انكاس قد كان منا ومنكم في عجاجتها * ما لا يرد وكل عرضة الباس قتلى العراق بقتلى الشام ذاهبة * هذا بهذا وما بالحق من باس لا بارك الله في مصر فقد جلبت * شرا وحظك منها حسوة الكاس يا عمرو أنك عار من مغارمها * والراقصات ومن يوم الجزا كاسي وكتب معاوية إلى ابن عباس كتابا في أيام صفين يذكر فيه عداوة بني هاشم لبني أمية ويخوفه عواقب الحرب ويقول قد قنعنا بما في أيدينا من ملك الشام فاقنعوا بما في أيديكم من ملك العراق ولو بايع الناس لك بعد عثمان لكنت إليك أسرع فاجابه بما ساءه وقال معاوية هذا عملي بنفسي لا والله لا أكتب إليه كتابا سنة وقال معاوية في ذلك:
دعوت ابن عباس إلى جل خطة * وكان امرءا أهدي إليه رسائلي فاخلف ظني والحوادث جمة * وما زاد أن أغلى عليه مراجلي فقل لابن عباس تراك مفرقا * بقولك من حولي وأنك آكلي وقل لابن عباس تراك مخوفا * بجهلك حلمي أنني غير غافل فأبرق وأرعد ما استطعت فإنني * إليك بما يشجيك سبط الأنامل