قال الزبير: وبعثت الأنصار بهذا الشعر إلى علي بن أبي طالب فخرج إلى المسجد وقال لمن به من قريش وغيرهم: يا معشر قريش إن الله جعل الأنصار أنصارا فاثنى عليهم في الكتاب فلا خير فيكم بعدهم، إنه لا يزال سفيه من سفهاء قريش وتره الاسلام ودفعه إلى الحق واطفا شرفه وفضل غيره عليه يقوم مقاما فاحشا فيذكر الأنصار فاتقوا الله وأرعوا حقهم فوالله لو زالوا لزلت معهم لأن رسول الله ص قال لهم أزول معكم حيثما زلتم فقال المسلمون جميعا: رحمك الله يا أبا الحسن قلت قولا صادقا، قال الزبير وترك عمرو بن العاص المدينة وخرج عنها حتى رضي عنه علي والمهاجرون اه.
وأنشد القاضي أبو بكر الباقلاني للفضل بن العباس في كتاب فضائل الأئمة تاليفه يسجح بزمزم والولاية عليها وخصومتهم بها:
ولنا أسام لا تليق بغير * نازز وهواتف تهتز حين ترانا حوض النبي وحوضنا من زمزم * ظمئى أمرؤ لم يروه حوضانا الفضل بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب قتل يوم الحرة مع عسكر أهل المدينة في ذي الحجة سنة 63 قال الطبري في تاريخه أن الفضل جاء إلى عبد الله بن حنظلة الغسيل فقاتل في نحو من عشرين فارسا قتالا شديدا حسنا ثم قال لعبد الله مر من معك فارسا فليأتني فليقف معي فإذا حملت فليحملوا فوالله لا انتهي حتى أبلغ مسلما فاما أن أقتله وأما أن أقتل دونه فقال عبد الله بن حنظلة لرجل ناد في الخيل فلتقف مع الفضل بن العباس فنادى فيهم فجمعهم إلى الفضل فلما اجتمعت الخيل إليه حمل على أهل الشام فانكشفوا فقال لأصحابه أ لا ترونهم كشفا لئاما احملوا أخرى جعلت فداكم فوالله لئن عاينت أميرهم لأقتلنه أو لأقتلن دونه إن صبر ساعة معقب سرورا أنه ليس بعد الصبر إلا النصر ثم حمل وحمل أصحابه معه فانفرجت خيل أهل الشام عن مسلم بن عقبة وبقي في نحو من خمسمائة راجل جثاة على الركب مشرعي الأسنة نحو القوم ومضى كما هو نحو رايته حتى يضرب رأس صاحب الراية وإن عليه لمغفرا فقط المغفر وفلق هامته فخر ميتا فقال خذها وأنا ابن عبد المطلب فظن أنه قتل مسلما فقال قتلت طاغية القوم ورب الكعبة وإنما كان ذلك غلاما له يقال له رومي وكان شجاعا فاخذ مسلم رايته وانب أهل الشام وحرضهم وتهددهم وشدت تلك الرجالة أمام الراية فصرع الفضل بن عباس فقتل وما بينه وبين أطناب مسلم بن عقبة إلا نحو من عشرة أذرع وفي رواية أن مسرف بن عقبة كان مريضا يوم القتال وأنه أمر بسرير وكرسي فوضع بين الصفين وقال يا أهل الشام قاتلوا عن أميركم أو دعوا ثم زحفوا نحوهم فحمل الفضل بن العباس بن ربيعة هو وأصحابه حتى انتهى إلى السرير فوثبوا إليه فطعنوه حتى سقط.
الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب بن عبد المطلب بن هاشم توفي في حدود سنة 90 في خلافة الوليد بن عبد الملك.
كان أحد شعراء بني هاشم وفصائحهم هاشمي الأبوين أمه آمنة بنت العباس بن عبد المطلب وكان شديد الأدمة وفي ذلك يقول:
وأنا الأخضر من يعرفني * أخضر الجلدة في بيت العرب من يساجلني يساجل ماجدا * يملأ الذكر إلى عقد الكرب وحدث علي بن محمد التوفلي عن عمه أن سليمان بن عبد الملك حج في خلافة الوليد فجاء إلى زمزم فجلس عندها ودخل الفضل ليستقي منها فارتجز بقوله:
يا أيها السائل عن علي * سالت عن بدر لنا بدري مقدم في الخير أبطحي * ولين الشيمة هاشمي زمزم يا بوركت من ركي * بوركت للساقي وللمسقي فغضب سليمان وهم به فكفه علي ابن عبد الله فحرمه من العطاء وقوله:
ما كنت أحسب أن الأمر منصرف * عن هاشم ثم منها عن أبي حسن من فيه ما فيهم من كل صالحة * وليس في كلهم ما فيه من حسن أ ليس أول صلى لقبلتكم * واعلم الناس بالقرآن والسنن وأقرب الناس عهدا بالنبي ومن * جبريل عون له في الغسل والكفن ما ذا يردكم عنه فنعرفه * ها إن ذا غبن من أعظم الغبن وقوله:
أعيني إن لا تبكيا لمصيبتي * فكل عيون الناس عني أصبر أعيني جودا من دموع غزيرة * فقد حق إشفاقي وما كنت أحذر أعيني هذي الأكرمون تتابعوا * وصلوا المنايا دارعون وحسر من الأكرمين البيض من آل هاشم * لهم سلف من واضح الجد يذكر مصابيح أمثال الأهلة إذ هم * لدى الحرب أو دفع الكريهة أبصر بهم فجعتنا والفواجع كلها * تميم وبكر والسكون وحمير وهمدان قد جاشت علينا وأجلبت * هوازن والحيان لخم واعصر وفي كل حي نضحة من دمائنا * بني هاشم يعلو سناها ويشهر فلله محيانا وكان مماتنا * ولله قتلانا تدان وتنشر لكل دم مولى ومولى دمائنا * بمرتقب يعلو عليكم ويظهر وله:
وسمينا الأطائب من قريش * على كرم فساع بنا وطابا وأي الخير لم نسبق إليه * ولم نفتح به للناس بابا وله:
مهلا بني عمنا مهلا موالينا * لا تنبشوا بيننا ما كان مدفونا لا تطمعوا أن تهينونا ونكرمكم * وإن نكف الأذى عنكم وتؤذونا الله يعلم إنا لا نحبكم * ولا نلومكم ألا تحبونا وله:
انا أناس من سجيتنا * صدق الحديث ورأينا حتم لبسوا الحياء فان نظرت حسبتم * سقموا ولم يمسسهم سقم الفضل بن العباس العلوي في معجم الشعراء للمرزباني: لما دخل محمد وعلي ابنا الحسن بن جعفر بن موسى بن جعفر المدينة في صفر سنة 291 فاخرباها وعذبا أهلها قال الفضل بن العباس من أبيات:
أخربت دار هجرة المصطفى البر * فابكى خرابها المسلمينا عين فابكى مقام جبريل والقبر * فبكى والمنبر الميمونا