السيد الأمير فيض الله بن عبد القاهر الحسيني التفريشي ثم النجفي كان عالما جليلا ورعا تقيا سكن الغري وتلمذ على الأردبيلي وتلمذ عليه وأخذ عنه الأمير شرف الدين علي الشولستاني وقد ذكره الأمير مصطفى التفريشي في رجاله فقال عند ذكره: سيدنا الطاهر كثير العلم عظيم الحلم متكلم فقيه ثقة عين مولده في تفريش وتحصيله في مشهد الرضا ع واليوم من سكنة عتبة الجلالة بالمشهد المقدس الغروي، حسن الخلق والخليقة لين العريكة كل صفات العلماء والصلحاء والأتقياء مجتمعة فيه له كتب منها حاشية على المختلف وشرح الاثني عشرية لصاحب المعالم سماه الأنوار القمرية. وذكره في أمل الآمل وقال: له مؤلفات منها شرح المختلف وكتاب في الأصول ورسالة الأربعين ألفها سنة 1013 قيل ويستفاد من بعض مصنفات السيد نعمة الله الجزائري إن له كتابا في رجال الشيعة يشبه رجال مير مصطفى ووجد حواشي على آيات الأحكام للأردبيلي آخرها فيض لا يبعد أن تكون له.
حرف القاف شمس المعالي قابوس بن وشمگير أبي طاهر بن زيار بن وردان الديلمي الجبلي (1) هو رابع ملوك أسرة آل زيار التي حكمت طبرستان وجرجان (2) من سنة 316 إلى سنة 470 ومؤسس هذه الأسرة مرداويج ابن زيار الذي بلغ بسلطانه إلى حلوان بعد استيلائه على الري وأصفهان وقم وقزوين وبروجرد وهمدان والأهواز، متخذا أصفهان عاصمة لملكه، وكان يحكم مرداويج جميع هذه البلدان باسم الخليفة العباسي في الظاهر ولكنه كان يبطن الوصول إلى بغداد وإزاحة الخليفة الراضي بالله من الخلافة وإعلان نفسه خليفة تحت شعار أخذ الثار للعلويين. وقد كان في مرادويج ظلم وعسف وجبروت فدخل عليه غلمانه الأتراك في الحمام وقتلوه.
ولقد انتقلت الولاية بعده إلى أخيه وشمگير بضم الواو وجزم الشين والميم سنة 323. الذي دامت الحرب بينه وبين ركن الدولة البويهي نيفا وعشرين سنة. ومن بعده تولى الملك ابنه بهستون سنة 357 ثم انتقل الملك منه إلى أخيه شمس المعالي قابوس بن وشمگير سنة 366 وكان ذلك في خلافة الطائع لله العباسي الذي أنفذ إليه الخلع السنية ولقبه شمس المعالي وعهد إليه بولايتي طبرستان وجرجان.
وفي السنة نفسها توفي ركن الدولة البويهي وقسمت المملكة البويهية بين أبنائه الثلاثة مؤيد الدولة وفخر الدولة وعضد الدولة بموجب وصية أبيهم، وقد أصبحت همذان وبلاد الجبل في حصة فخر الدولة، ولما كانت السلطة العامة بمقتضى تقسيم ركن الدولة بيد عضد الدولة فقد حاول فخر الدولة الاستقلال بحصته فقصده عضد الدولة من بغداد إلى همذان فهرب فخر الدولة منه ولحق بجبال طبرستان ملتجئا إلى قابوس فتلقاه هذا وأكرم مثواه وأنزله عنده وآواه، فانفذ عضد الدولة إلى أخيه الآخر مؤيد الدولة وكان صاحب أصفهان نحوهما فانحازا عنه وذلك سنة 371 وبعثا إلى أبي الحسن محمد بن إبراهيم ابن سيمجور وكان يتولى امارة نيسابور وما دون جيحون بإقليم خراسان من قبل منصور بن نوح الساماني يستعينانه فوعدهما ولكنه أبطأ عليهما لانحلال الأحوال بخراسان فسار قابوس ومعه فخر الدولة هاربين حتى وردا نيسابور ومنها إلى بخارا فأرسل صاحب بخارا معهما جيشا صحبه تاش الحاجب وولاه نيسابور فلم يصنع معهما شيئا.
وبقي قابوس بعيدا عن ملكه 18 سنة أي حتى سنة 388 قابعا في هذا الإقليم متصلا خلالها بالعلماء والأدباء والفضلاء ومكاتبا إياهم كي يزيح عن نفسه كآبة الانهزام والخيانة والاغتراب.
أما فخر الدولة فقد تسنى له أن يعود إلى ملكه سنة 373 بعد وفاة أخيه عضد الدولة في شوال 372 وبعد أن توفي أخوه الآخر مؤيد الدولة في جرجان سنة 373 تاركا قابوس في نيسابور، وقد شاور فخر الدولة وزيره الصاحب بن عباد في رد ملك قابوس إليه وإعادته إلى جرجان وطبرستان فلم يوافقه الصاحب كما يظهر من بعض الرسائل المتبادلة بين قابوس والصاحب، وقد كان للصاحب بن عباد الفضل في إعادة فخر الدولة من نيسابور إلى ملكه بعد موت مؤيد الدولة.
وفي سنة 387 توفي فخر الدولة الواضع يده على ملك قابوس، مما دعى قابوس الذي لم ير عند الأسرة السامانية ناصرا في السنة التالية 388 إلى توجيه حملتين عسكريتين إحداهما بقيادة خاله الاصبهبند التي تغلبت على جبل شهريار والثانية بقيادة ابن سعيد التي استولت على آمل.
كما أن أهل جرجان كتبوا لقابوس يستدعونه إليهم من نيسابور فسار إليها وخفت حملتا الاصبهبند وابن سعيد لتعضيده فدخلها في شعبان سنة 388.
ثم أضيفت الجبل وبعض بلاد الري إلى ملك قابوس طبرستان وجرجان وفي هذه الأثناء استولى ابن سبكتكين على إقليم خراسان فراسله قابوس وهاداه وصالحه.
ومن خلال المدة التي قضاها قابوس بعيدا عن ملكه في إقليم خراسان من سنة 370 إلى سنة 388 تغيرت نظرته نحو الناس واستولى على قلبه قسوة شديدة لذلك أخذ يعامل رعيته عند عودته إلى ملكه بالشدة والعسف وأسرف في الاستبداد والظلم إسرافا أكسبه بغض شعبه له ووحشة نفوس جنده منه. وبينما هو غائب عن عاصمة ملكه في حصنه الخاص المسمى شمرآباد (3) أجمعوا في جرجان على خلعه وساروا إليه فامتنع عليهم في القلعة فاكتفوا بانتهاب موجوده وعادوا إلى جرجان وجاهروا بالثورة واستدعوا ابنه منوجهر من طبرستان فأسرع إليهم مخافة أن يولوا غيره وقالوا له إن لم تقبض أنت عليه وإلا قتلناه وإذا قتلناه فلم نأمنك على نفوسنا فنحتاج أن نلحقك به.