ومن قصيدة للشاعر عبد الحسين عبد الله:
كل يوم ماتم للصلاح * فمتى نكبة الغلاظ الوقاح كاد يخلو الحمى من الأسد الغلب * ومن طلعة الوجوه الصباح بقي الشوك نابتا وتعرت * قمة المجد من زهور الأقاحي ومن قصيدة للشاعر موسى الزين شرارة:
رمى القدر الغشوم وقد أصابا * صحيح العلم والأدب اللبابا وهدم من صروح الدين صرحا * وأغلق للهدى والخير بابا رمى عبد الكريم وأي بدر * لنا في الليلة الظلماء غابا الشيخ عبد الكريم الجزائري (1) ولد في النجف سنة 1289 الثاني عشر من جمادى الثانية وتوفي ودفن فيها صفر سنة 1382.
أسرته وآل الجزائري قبيلة من قبائل النجف ومن أعرقها في العلم والأدب وأقدمها في التوطين في النجف وهم فرع من بني أسد امتد إلى النجف وتبادلت عليه بطونهم فيها.
واشتهرت هذه الأسرة بال الشيخ احمد الجزائري نسبة إلى جدهم أحمد بن إسماعيل الجزائري المعروف في معاجم تراجم علماء الشيعة ومراجع اجازاتها بصاحب آيات الاحكام، ولم تزل الحقب تختلف على أبناء هذه الأسرة وهم متفقون على النبوع العلمي والأدبي ومتخصصون لدرس الفقه الجعفري ومباديه الأصولية حتى عصر المترجم حتى كان لأسمائهم وذكر مؤلفاتهم وماثرهم المجال الواسع في معاجم السير والتراجم.
نسبه هو عبد الكريم بن علي بن الكاظم بن جعفر بن الحسين بن محمد بن أحمد بن إسماعيل ابن الشيخ الكبير عبد النبي ابن الشيخ سعد النجفي الشهير بالجزائري وينتهي نسبه كما مر إلى قبيلة بني أسد القاطنة على ضفة الفرات الأدنى المعروفة منازلهم بالجزائر.
نشأته ودراسته نشأ بين أسرته نشاة طيبة تعلم فيها القراءة والكتابة والإملاء ودرس العلوم الأولية على أفاضل أسرته وغيرهم وحضر في الفقه على الشيخ محمد طه نجف والسيد كاظم اليزدي وحضر في أصول الفقه على الشيخ ملا كاظم الخراساني وظل يمارس ويزاول تعليم الدين الحنيف حتى برع في استنباط فروعه من قواعده وأحاديثه واستقل بالدرس العام للفقه وأصوله يحضره الكثير من أفاضل النجف والمهاجرين إليها. ولقد عاش ركنا من أركان النجف الشامخة، وعلما من ارسى اعلامها الباذخة.
مؤلفاته ظهر منها 1 تعليقة على كتاب مكاسب الشيخ مرتضى الأنصاري 2 شرح على مباحث القطع والظن من كتاب الرسائل للأنصاري 3 تعليقة على كتاب الرياض للسيد المجاهد وكلها مخطوطة.
ماثره من ماثره مساهمته في دفع الاحتلال الانكليزي للعراق. بعد إن كان العراق إحدى الجبهات الكبرى للحرب العالمية الأولى فكم أنقذ من هلكة وحل من مشكلة وكم ناضل وكافح في مواقفه المشهودة في الجبهات الدفاعية حول الحويزة وكوت الامارة.
ومنها انه وجماعة من رجال الدين وبعض زعماء الفرات هم الذين بذروا في النجف الأشرف للقضية العراقية بذرتها التي أنتجت للشعب العراقي حكمه الوطني. ومنها لما حدث الاختلاف في كربلاء بين الحكومة التركية والاهلين في سنة 1334 وتعقد الوضع الراهن يومذاك على حكومة بغداد واضطرت إلى سحب موظفيها من كربلاء والتاهب لمهاجمة البلاد واستولى الرعب على الاهلين وكان المترجم في الكاظمية قد رجع عن كوت الامارة بعد استرجاعه من الإنكليز وحذر الحكومة من نتائج نواياها وصرف سياستها عن اجراء الأعمال القاسية وتوجه إلى كربلاء واستقبله الأهلون استقبالا باهرا وجمع الكلمة وأصلح بين الفريقين بعد جهود عظيمة. ولم يتزحزح طيلة حياته عن المبدأ القويم والطريق المستقيم ولم تبدله الشدائد التي طالما تعرض لها.
قال الشيخ محمد رضا الشبيبي متحدثا عنه:
كان من الأقطاب الذين دارت عليهم رحى الثورة العراقية الكبرى سنة 1920، وكان عضدا اعتضد به الثوار كما كان عونا لكبار العلماء الذين صدرت عنهم الاحكام المعروفة في وجوب الدفاع عن حوزة البلاد وكرامتها وتحقيق حريتها وسيادتها وحقوقها المشروعة.
لم تكن سلطات الاحتلال خلال استفحال الأزمة قبيل الثورة وبعدها تحسب حسابا لاحد من المعنيين بالشئون العامة كما كانت تحسب حسابها للشيخ الجزائري، فكان هو الكابوس المزعج الجاثم على صدور الحكام السياسيين، وذلك لأسباب: منها ذكاؤه الوقاد ومنها تشبعه بروح الثورة على الاحتلال والمحتلين، وكم حاولوا استبعاده عن المجالس والمؤتمرات بل حاولوا ابعاده فيمن ابعد من أحرار العراق وذلك لحنكته ولتمكنه من التبليغ والتعبير عن أماني الشعب في ذلك الحين بأساليب منطقية قوية، بل كانت معظم رسائل الاحتجاج والمطالبة والاستنكار والكتب المشتملة على رغائب العراقيين في الحرية والاستقلال من ترسله على الأكثر.
وقال الأستاذ أكرم زعيتر وقد زاره سنة 1357 في النجف مع وفد عربي لاستنهاضه بشأن قضية فلسطين بعد ان زار غيره من المجتهدين:...
ثم زرنا المجتهد عبد الكريم الجزائري المتقشف الذي فاقت حماسته للقضية كل حماسة. وهو لطيف محبب إلى النفس، خفيف الظل، عربي النزعة، فكان أقرب إلى قلوبنا من اي مجتهد اخر.
نعيه نعته إلى العالم الاسلامي جمعية منتدى النشر النجفية قائلة:
تنعى جمعية منتدى النشر ببالغ اللوعة والاسى زعيما من اعلام الأمة الاسلامية ومجاهدا من ابطال الدفاع الديني وقلعة من قلاع العراق