لما تؤذن الدنيا به من صروفها * يكون بكاء الطفل ساعة يولد والا فما يبكيه منها وانها * لافسح مما كان فيه وارغد وللنفس أحوال تظل كأنها * تشاهد فيها كل غيب سيشهد وما لي عزاء عن شبابي علمته * سوى انني من بعده لا أخلد وان مشيبي واعد بلحاقه * وان قال قوم انه يتوعد السيد مير علي أبو طبيخ (1).
ابن السيد عباس ابن السيد راضي بن الحسن يرجع نسبه إلى الإمام موسى بن جعفر ع، وامه بنت الشيخ راضي جد الأسرة المعروفة في النجف، ويمت إلى آل كاشف الغطاء بمثل هذه الخؤلة. ولد في النجف في غضون العشرة الأولى من القرن الرابع عشر الهجري، وتوفي في شهر شوال من سنة 1361 وهو لم يتجاوز الخمسين الا قليلا. وبالنظر لمكانة أخواله العلمية بالإضافة إلى فضيلة أبيه العلمية فقد كان لذلك كل الأثر في ثقافته ونشأته وتكوينه حتى لقد تلقى سلسلة طويلة من دروسه على الشيخ جعفر والشيخ راضي وعلى الشيخ عبد الرضا الشيخ راضي، وكان يقضي معظم أوقاته في مجالسهم العامة ودواوينهم العامرة. واجتاز في سيره مرحلة كبيرة من العلوم الدينية إلى أن حل به مرض اقعده في البيت نحو اثنتي عشرة سنة وله مؤلفات بقيت مخطوطة (2).
شعره له ديوان شعر طبع بعد وفاته فمن شعره هذه القصيدة التي نظمها خلال الحرب العامة الثانية:
اروبا معدن العلم * لقد ابنك العلم هصرت الأرض كيناء * وثقفت الأطباء ترومين بان يسعد * هذا الخلق احياء فلما أينع الشاطئ * اصقاعا وارجاء غدا يقصفه الجو * فعاث الزرع والماء على غير هوى منك * تجافى ربعك السلم فيا ظلمة أيامي * غداة اجتاحك الظلم فكم نجم بدا منك * وكم منك هوى نجم وكم يحيى بك العلم * فلم يقتلك العلم؟
أتت تختبط الدأماء * في الحرب الأساطيل كما تسحق هام الحق * في الدنيا الأباطيل فأضحت أمة العذراء * تنعاها الأناجيل كان الدهر لم يأن * له جرح وتعديل فكم دنيا رأينا منك * في الأيام معموره رمادا أصبحت تذرى * وكانت ذهب الكوره فلم يبق لها المدفع * من أنقاض مقصوره ولم تغن الهيولات * إذا فارقت الصورة مرت كفك ضرع الدهر * كي يصفو لك المشرب فنلت السهل بالسهل * ورضت الصعب بالأصعب وقد أفرط فيك الزهو * حتى لم يجد مذهب فهبك كنت طاووسا * فما الحيلة ان أذنب؟
ذريني واجب القلب * أجل طرفي مبهوتا لئن قصرت في نعتي * فما قصرت منعوتا صفي لي وثبة الطيار * يستوحي البراشوتا فهل من شخص عزرائيل * كان الشكل منحوتا على المرقب ناقوس * وفي المربا صفاره إذا دوى بها الأفق * بدت تنذر بالغاره فلا الدار ترى الشخص * ولا الشخص يرى داره وكان النفق القلب * أهل الدار اسراره أمانا جنة الدنيا * فقد حاطتك نيران لها الواقد أشياخ * وفي الموقد شبان ذوت من لهب المدفع * حرقا وهي أغصان فما صنعك بالحور * إذا لم يك ولدان؟
مها أفزعها المهداد * فانصاعت عن الورد تؤم المخبا النائي * فلا تلوي إلى قصد وتثني الفاحص المذعور * عن دغدغة النهد ومان ان خفيت دل عليها * ارج الند صقور في الفضاء الرحب * تزجيها الشياطين تريع العصم في الأمن * فكيف الخرد العين؟
فأين الخلق السهل * وأين الرفق واللين؟
ومن طلقة (سينغفريد) * أقوى حصن ماجينو عزاء غاب بولون * إذا ما عقك الشعب فمن اجلك نهر السين * لا ينهى به الشرب تهون الفتنة الكبرى * إذا عم بها الخطب سرت شعلتها حتى * تساوى الشرق والغرب وقال في مرضه الأخير:
أهوت به علته فانتدب * الحيلة يثنيها فأعياه السبب قالوا النطاسي فالقى فخه * مقتنصا جاء ليصطاد النشب حتى إذا استفرع ما ظن به * من فضة يكنزها أو من ذهب تعاظم الداء عليه فالتوى * واستعضل النازل فيه فانسحب وللرفاق حوله ولولة * وللبنين والبنات مصطخب يقوم هذا فزعا مما به * والبعض جاث عنده على الركب فلا حميم لحماه يلتجي * ولا ابن أم نافعا ولا ابن أب وهو على بصيرة من امره * منتبها يرنو لسوء المنقلب ينظر فيم ذهبت أيامه وما * اكتسى من عمل وما اكتسب طغت عليه لجج الموت فما * أقام في تيارها حتى رسب فاستك منه سمعه وأخرست * شقشقة تزري بفصحاء العرب وجاءه الموت فاضحى هامدا * قد استقر بعد ما كان اضطرب وأغمضت اجفانه لا عن كرى * وأسبل الأيدي من غير وصب وسيقت النفس على علاتها * إلى الجنان أو إلى النار حطب اني أعوذ بولاء حيدر * وصفوة الآل البهاليل النجب هم الرعاة لا عدمت فيئهم * وهم سفائن النجاة في العبب هم عرفات الحج هم شعاره * هم كعبة البيت وهم أسنى القرب وهم يد الله ونور وجهه * الساطع والسر الذي به احتجب