وأظل اعترض الرياح تنسما * فأعالج الأهواء بالأهواء ومهفهف صحت على طول الضنى * أجفانه فدواؤه من دائي إن نختلط فقد اختلفنا فانظروا * فالخلف داعي فرقة الخلطاء كم أحمل الهم الغريب لصاحب الحسن * الغريب بليت بالغرباء لا ينكرن العاذلون تفردي * من دونه بالوجد والبرحاء جعلت مراشفه تلوذ بلحظه * حتى حمى اللمياء بالنجلاء نثلت كنانتها وقامت دونها * ترمي فم الداني وعين الرائي لئن احتمت لقد احتمت من قبلها * بأبي الحسين رياسة الرؤساء وأباحها لمن استقل نعيمها * فأباح منها أصعب الأشياء قوموا انظروا ما قام يصنع فانظروا * ما يستحق به من الأسماء لقد استقام على طريق في العلى * خشناء موحشة من الرفقاء ربط المكارم في جوانب بيته * لحوادث يحدثن في العلياء نهضت لتدبير الممالك نفسه * فاستنهضته لاثقل الأعباء فقواطع الأسياف في أغمادها * محبوسة كقواطع الآراء ألا تكن نلت الوزارة ناشئا * فلقد نشأت مدبر الوزراء في نور مكرمة ونار عزيمة * يتناهبان غياهب الظلماء وقال يمدح بها علي بن الحسين المغربي والد أبي القاسم الوزير:
أ ترى بثار أم بدين * علقت محاسنها بعيني في لحظها وقوامها * ما في المهند والرديني وبوجهها ماء الشبا * ب خليط نار الوجنتين بكرت علي وقال اختر * خصلة من خصلتين أما الصدود أو الفرا * ق فليس عندي غير ذين فأجبتها ومدامعي * تنهل مثل المأزمين لا تفعلي إن حان صدك * أو فراقك حان حيني فكانما قلت انهضي * فمضت مسارعة لبيني ثم استقلت أين حلت * عيسها ورمت باين ونوائب أظهرت أيا * مي إلي بصورتين سودنها وأطلنها * فرأيت يوما ليلتين ومنها:
هل بعد ذلك من * يعرفني النضار من اللجين فلقد جهلتهما لبعد * العهد بينهما وبيني متكسبا بالشعر يا * بئس الصناعة في اليدين كانت كذلك قبل أن * يأتي علي بن الحسين فاليوم حال الشعر * حالية كحال الشعرتين ديوانه يتضمن ديوانه أكثر من خمسة آلاف بيت موزعة على أكثر من 513 مقطوعة يتراوح عدد أبيات الواحدة منها بين بيتين اثنين وخمسة وثلاثين بيتا من الشعر. وقد أدرجت هذه المقطوعات في الديوان حسب الترتيب الأبجدي لقوافيها التي بلغت العشرين.
وفي مكتبة المجمع العلمي العربي بدمشق يوجد نسخة من الديوان، كما توجد مخطوطات أخرى في لبنان والعراق، ولم يطبع.
وقد جاء ديوانه صورة لثقافة عصره الدينية وغير الدينية من منطق وفلسفة، كما أبرز هذا الديوان أن للصوري نهجا أدبيا خاصا به، ميزه عن معاصريه، وقلده به شعراء الجيل الذي خلفه. وقد جاء حافلا بأسماء من قبضوا على زمام الإدارة السياسية الفاطمية في مصر والشام كوزراء الفاطميين وسفرائهم وقادة جيوشهم، إلى جانب طائفة حكام بلاد الشام من العنصر التركي.
كما يمكن أن يكون هذا الديوان دليل الألقاب والرتب الإدارية والعسكرية في القرن الرابع، كالأستاذ وقاضي القضاة ورئيس الرؤساء وأبو الجيش ووزير الوزراء.
هذا مع ما يحفل به الديوان من أسماء اعلام الفقه من معاصريه من الذين صادقهم، وخصهم بقصائد من ديوانه مادحا في حياتهم، أو راثيا بعد مماتهم مثل فقيه الشام أحمد بن عطاء الروزباري والفقيه الحسين بن أبي كامل الأطرابلسي والشاعر ابن وكيع التنيسي وأبي العلاء المعري والشيخ المفيد وغيرهم من شعراء عصره.
وهكذا كان ديوان عبد المحسن الصوري الذي ما زال مخطوطا تعبيرا عن ثقافة قرن كامل، بل تعبيرا عن ثقافة عصر، عن الثقافة الدينية لهذا العصر، وعن الحالة الاجتماعية والسياسية فيه، ملقيا أضواء جديدة وكاشفة على أوضاع مصر والشام في ذلك العصر. كما كان تعبيرا عن نهج أدبي اختص به فذهب في التاريخ خطة للشعراء. وبالفعل فقد عاش الصوري عصره كاملا، فجاء ديوانه يغطي ثقافة هذا العصر.
منزلته كان عبد المحسن الصوري مفضلا من قبل كثير من شعراء عصره وغير عصره على كثير من معاصريه وممن جاء بعده. إلا أن أبا العلاء المعري كان يعيبه بقصر النفس، وكان الشاعر أبو الفتيان بن جيوس يدافع عن الصوري أمام أبي العلاء منشدا أبياتا لعبد المحسن، فيقول المعري:
هذه لقصيرك فيرد ابن جيوس: هو أشعر من طويلك، عانيا المتنبي.
الشيخ عبد محمد بن عبد الجليل ابن الحاج عبد محمد.
توفي سنة 1128.
في ذيل إجازة السيد عبد الله بن نور الدين بن نعمة الله الجزائري كان فاضلا ذكيا منشئا أديبا حسن الخط ذا رأي رزين وفكر متين إلا أنه كان كثير التعطيل يسكن الحويزة تارة والدورق أخرى والبنادر مرة وتستر أخرى وكان أكثر إقامته أخيرا في بلادنا هو وابن عمه القاضي عبد الحسن بن عبد الغفار وسافر أخيرا إلى أصبهان وتوفي هناك.
السيد عبد المطلب ابن السيد جواد مرتضى (1).
ولد في قرية عيثا من جبل عامل سنة 1299 وفيها توفي سنة 1362 فاضل شاعر درس في عيثا على شيوخ القرية وعلى والده، وله شعر منه قوله منتصرا لبلدة بنت جبيل، حين قال الشاعر عبد الحسين عبد الله:
وعام بنت جبيل رحت بائعه بيوم تبنين هل في حيكم شاري