وقال أيضا:
وكا العبير بها واشيا * وجرس الحلي عليها رقيبا قال وزاد أبو المطاع بن ناصر الدولة على الجميع بقوله:
ثلاثة منعتها من زيارتنا * وقد دجا الليل خوف الكاشح الحنق ضوء الجبين ووسواس الحلي وما * يفوح من عرق كالعنبر العبق هب الجبين بفضل الكم تستره * والحلي تنزعه الشأن في العرق ومر في ترجمته عن اليتيمة بسنده عن علي بن المحسن التنوخي أنشدني أبو المطاع لنفسه:
أفدي الذي زرته بالسيف مشتملا * ولحظ عينيه امضى من مضاربه فما خلعت نجادي في العناق له * حتى لبست نجادا من ذوائبه فكان أنعمنا عينا بصاحبه * من كان في الحب أشقانا بصاحبه ثم أورد الثعالبي هذه الأبيات الثلاثة في تتمة اليتيمة فقال أنشدني أبو محمد خلف بن محمد بن يعقوب الشرمقاني بها قال أنشدني أبو المطاع لنفسه وذكر الأبيات الثلاثة الا انه أورد الشطر الأول من البيت الأخير هكذا وكان أسعدنا في نيل بغيته ولعله لذلك أوردها في التتمة مع أنه أوردها في اليتيمة ولعل ما في التتمة انسب لمقابلة أشقانا بأسعدنا والتخلص من تكرير كلمة بصاحبه. ومر في ترجمته أيضا عن اليتيمة بسنده عن التنوخي انه قال أنشدني أبو المطاع أيضا بنفسه:
قالت لطيف خيال زارها ومضى * بالله صفه ولا تنقص ولا تزد فقال خلفته لو مات من ظما * وقلت قف عن ورود الماء لم يرد قالت صدقت الوفا في الحب عادته * يا برد ذاك الذي قالت على كبدي والغريب ان صاحب اليتيمة نفسه أورد هذه الأبيات مع تغير يسير للشريف أبي القاسم أحمد بن محمد بن طباطبا فقال في ترجمته أنشدني له ابن وهب قوله وذكر عدة مقطعات ثم قال وقوله وهو مما يتغنى به:
قالت لطيف خيال زارني ومضى * صف لي هواه ولا تنقص ولا تزد فقال أبصرته لو مات من ظما * وقلت قف عن ورود الماء لم يرد قالت صدقت وفاء الحب عادته * يا برد ذاك الذي قالت على كبدي وقد تنبه لذلك صاحب نسمة السحر ومر في ترجمته أيضا عن اليتيمة عن التنوخي انه قال وأنشدني أيضا لنفسه:
أرى الثياب من الكتان يلمحها * ضوء من البدر أحيانا فيبليها فكيف تنكر ان تبلى معاجرها * والبدر في كل حين طالع فيها قال صاحب اليتيمة وقد أحسن غاية الاحسان. وفي تتمة اليتيمة أنشدني الشرمقاني عن الجوهري عن أبي المطاع لنفسه وذكر البيتين الا انه ذكر ترى بدل أرى ورقت بدل حين ثم قال وأراه اخذ هذا المعنى من أبي الحسن محمد بن أحمد بن طباطبا العلوي في قوله:
لا تعجبوا من بلى غلالته * إذ زر كتانها على القمر وأخذه أيضا الرضي الموسوي النقيب من قصيدة:
كيف لا تبلى غلائله * وهو بدر وهي كتان فجعله هو والرضي آخذين من ابن طباطبا ولكن صاحب نسمة السحر قال: اخذ هو والشريف أبو الحسن بن طباطبا هذا المعنى من الشريف الرضي فقال ابن طباطبا (1) لا تعجبوا من بلى غلالته * قد زر أزرارها على قمر وقال الشريف الرضي:
كيف لا تبلى غلائله * وهو بدر وهي كتان قال وأهل البيان يوردون قول ابن طباطبا مستحسنين له ذاهلين عن قول الرضي مع أنه قصر عن الرضي فإنه لم يذكر في البيت الكتان الذي اختص القمر بابلائه وفي رواية قليلة قد زر كتانها اه.
وعلى ذكر ابلاء القمر الثياب الكتان نذكر ما ورد بهذا الشأن فالشئ بالشئ يذكر والحديث ذو شجون. في اليتيمة العرب تزعم أن القمر يبلي الثياب الحلوة كذا. وفي تتمة اليتيمة: للقمر خاصية في قرض الكتان ولذلك قال من ذكر عيوب القمر: يهدم العمر ويحل الدين ويوجب اجرة المنزل ويسخن الماء ويفسد اللحم ويشحب الألوان ويقرض الكتان ويضل الساري لأنه يخفي الكواكب ويعين السارق ويفضح العاشق الطارق ولأبي محمد طاهر بن الحسين المخزومي البصري نظم في نبذ من معايب البدر وتحذير بعض الرؤساء سوء اثر هجائه من قصيدة:
لو أراد الأديب ان يهجو البدر * رماه بالخطة الشنعاء قال يا بدر أنت تغدر بالساري * وتغري بزورة الحسناء كلف في شحوب وجهك يحكي * نكتا فوق وجنة برصاء ويريك السرار في آخر الشهر * شبيه القلامة الحجناء وإذا البدر نيل بالهجو فليخش * أولو العقل السن الشعراء ونسب صاحب نسمة السحر هذه الأبيات إلى ابن الرومي وذكر أولها:
رب عرض مبرء عن خفاء * دنست منه حادثات الهجاء لو أراد الأديب البيت قال يا بدر البيت:
نمش في بياض وجهك يحكي * كلفا فوق وجنة برصاء يعتريك المحاق في كل شهر * فترى كالقلامة الحجناء لا لأجل المديح بل خيفة الهجو * أخذنا جوائز الامراء قال وقال ابن الرومي أيضا في معنى تقبيح الحسن بواسطة سحر الشعر:
في زخرف القول تزيين لصاحبه * والحق قد يعتريه بعض تغيير تقول هذا مجاج النحل تمدحه * وان تعب قلت ذاقئ الزنابير مدح وذم وما جاوزت حدهما * سحر البيان يري الظلماء كالنور قال وبالغ ابن سناء الملك المصري فذم الشمس وقال من أبيات:
لا كانت الشمس فكم أصدأت * صفحة خد كالحسام الصقيل وكم وكم صدت بوادي الكرى * طيف خيال جاءني من خليل يا بصقة المشرق وقت الضحى * وسلحة المغرب وقت الأصيل