ثم وليها وجيه الدولة الولاية الثانية ثم عزل فوليها شهاب الدولة سنة 412 ثم مات في أثناء سنة 415 فوليها أبو المطاع الولاية الثالثة سنة 415 إلى سنة 419 ومن ذلك يظهر النظر في قول ياقوت ان أبا المطاع ولي دمشق سنة 412 بل المفهوم من كلام ابن عساكر ان الذي وليها تلك السنة هو سحتكين لا أبو المطاع ويظهر النظر أيضا في قول ابن عساكر ان سحتكين مات سنة 414 بل الصواب سنة 415. وفي شذرات الذهب في حوادث سنة 428 فيها في صفر توفي ذو القرنين أبو المطاع ابن الحسن بن عبد الله بن حمدان وجيه الدولة بن ناصر الدولة الموصلي الأديب الشاعر الأمير ولي إمرة دمشق سنة 401 وعزل بعد أشهر من جهة الحاكم ثم وليها لابنه الظاهر سنة 412 وعز ثم وليها ثالثا سنة 15 فبقي إلى سنة 19 وله شعر فائق اه وليس هو ابن الحسن كما مر.
وفي مرآة الجنان في حوادث سنة 428 فيها توفي وجيه الدولة أبو المطاع بن حمدان بن ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان التغلبي كان شاعرا ظريفا حسن السبك جميل المقاصد له أشعار كثيرة حسنة شهيرة وكان قد وصل إلى مصر في أيام الظاهر بن الحاكم العبيدي صاحبها فقلده ولاية الإسكندرية وأعمالها فأقام بها سنة ثم رجع إلى دمشق اه.
أشعاره غير ما ذكرناه في الكنى قال ابن عساكر ومن كلامه وكأنها تتمة البيتين المذكورين في الكنى:
لو كنت أملك صبرا أنت تملكه * عني لجازيت منك التيه بالصلف وبت تضمر وجدا بت أضمره * جازيتني كلفا عن شدة الكلف تعمد الرفق بي يا حب محتسبا * فليس يبعد ما تهواه من تلفي وكتب إليه ابن أخيه يقول له لا أحب مخاطبتك ولا مكاتبتك فقال:
يا غانيا عن خلتي * انا عنك ان فكرت أغني ان التقاطع والعقوق * هما أزالا الملك عنا وأظن أن لن يتركا * في الأرض مؤتلفن منا يفنى الذي وقع التنازع * بيننا فيه ونفنى وقال:
يا من أقام على الصدود * لغير جرم كان منا أخطر بقلبك عند ذكرك * كيف نحن وكيف كنا لم يغن عني صاحب * الا وعنه كنت أغني وإذا أساء فلست احمل * في الضمير عليه ضغنا وله:
بأبي من هويته فافترقنا * وقضى الله بعد ذاك اجتماعا وافترقنا حولا فلما التقينا * كان تسليمه علي وداعا وله:
من كان يرضى بذل في ولايته * خوف الزوال فاني لست بالراضي قالوا فتركب أحيانا فقلت لهم * تحت الصليب ولا في موكب القاضي ومن مستحسن شعره قوله:
موعدي بالبين ظنا * انني بالبين أشقى ما أرى بين مماتي * وفراقي لك فرقا لا تهددني ببين * لست منه أتوقى انما يشقى ببين * منك من بعدك يبقى وأورد له ابن عساكر في وصف دمشق قال أبو المطاع ذو القرنين بن الحسن بن عبد الله بن حمدان التغلبي:
اني حننت حنين مكتئب * مترادف الأحزان والكرب متذكر في دار شقوته * دار النعيم ومنزل الطرب جمعت ما راب كل ذي أرب * فيها ونخبة كل منتخب فهواؤها تحيا النفوس به * وترابها كالمسك في الترب تجري بها الأمواه فوق حصى * كرضاب ثغر بارد شنب من كل عين كالمراة صفا * أو جدول كمهند القضب يشتق أخضر كالسماء له * زهر كمثل الأنجم الشهب هذا ومن شجر تعطفه * يحكي انعطاف الخرد العرب عشنا به زمنا بلذته * في غفلة من حادث النوب في فتية فطنوا لدهرهم * فتناولوا اللذات من كثب ما شئت من جود ومن كرم * فيهم ومن ظرف ومن أدب متواصلين على مناسبة * بالفضل تغنيهم عن النسب كم روحة بدمشق رحت بهم * والشمس قد كادت ولم تغب فكأنما صاع الأصيل بها * لقصورها شرفا من الذهب ومما قال أيضا في دمشق:
دعاني من أطلال برقة ثهمد * ولا تذكر عيشا بصحراء أربد فما لي من وجد بنجد وأهلها * ولا بي من شوق إلى أم معبد محلة بؤس لا الحياة لذيذة * لديها ولا عيش الكريم بأرغد عدتني عنها من دمشق وأرضها * مرابع ليس العيش فيها بأنكد أناجي نسيم الغوطتين معطرا * بأنفاس زهر في الرياض مبدد يمر على أذكى من المسك نفحة * ويجري على ماء من الثلج أبرد وفي الصبح المنبي عند ذكر قول المتنبي:
امن ازديارك في الدجى الرقباء * إذ حيث كنت من الظلام ضياء قلق المليحة وهي مسك هتكها * ومسيرها في الليل وهي ذكاء ثم قال اخذه من قول علي بن جبلة:
بأبي من زارني مكتتما * حذرا من كل واش فزعا طارقا نم عليه نوره * كيف يخفي الليل بدرا طلعا رصد الخلوة حتى أمكنت * ورعى السامر حتى هجعا كابد الأهوال في زورته * ثم ما سلم حتى ودعا ومن هذا قول بشار:
وتوقى الطيب ليلتنا * انه واش إذا سطعا وقال أبو عبادة البحتري:
وحاولن كتمان الترحل في الدجى * فنم بهن المسك حين تضوعا