القاعدة عن القتال في ميادين الحرب والجدال، فإنه يصح سلب الرجولية عنه ويقال: أنه ليس برجل لعدم الأثر البارز للرجال وهو الشجاعة مثلا فيه.
وبالجملة: فالمنفي حقيقة هو الحكم، لأنه القابل للوضع والرفع التشريعيين، دون الموضوع الخارجي، الا أنه لعدم ترتب الأثر على الضرر نزل وجوده منزلة العدم.
ثم انه يعتبر في نفي الحكم بلسان نفي الموضوع أن يثبت لطبيعة حكم شرعا أو عرفا حتى يكون النفي رافعا لذلك الحكم عن تلك الطبيعة أو بعض أفرادها ك (لا رهبانية في الاسلام) و (لا قياس في الدين) و (لا سرف في الضوء) و (لا ربا بين الوالد والولد) و (لا غيبة لمن تجاهر بالفسق) فان جواز الرهبانية الثابت في الشرائع السابقة وجواز القياس الثابت عند العامة قد ارتفعا عن جميع أفراد الرهبانية والقياس في الاسلام، وحرمة الربا والاسراف والغيبة قد ارتفعت عن بعض أفراد الربا والغيبة والاسراف، ومرجع الأول إلى النسخ، والثاني إلى التخصيص.
والوجه في اعتبار هذا الشرط واضح، إذ المفروض أن نفي الموضوع الخارجي شرعا لا يصح إلا بنفي ما يكون وضعه ورفعه بيد الشارع، وليس ذلك إلا الحكم، فنفي الربا وهي الزيادة لا معنى له إلا نفي حكمها الثابت لطبيعة الربا وهو الحرمة، فمعنى (لا ضرر) حينئذ هو نفي الحكم الثابت لعنوان الضرر، فلو فرض أن الضرر كان حكمه الجواز، فقاعدة نفيه تنفي ذلك الحكم، فكل حكم تكليفي أو وضعي مجعول لعنوان الضرر ينفي بقاعدة نفي الضرر، هذا.
وأورد عليه أولا: بعدم صحة نفي الحقيقة ادعاء مطلقا، وذلك لان الجملة إما خبرية وإما إنشائية، فان كانت خبرية فلا يصح النفي لا حقيقة ولا ادعاء أما حقيقة فواضح، وأما ادعاء فلان نفي الطبيعة ادعاء وتنزيل وجودها منزلة العدم