منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٦ - الصفحة ١٠٤
فيها، بأن إجمال مفهوم الابتلاء - الذي هو مقيد لبي متصل بكل خطاب - يسري إلى العام والمطلق كسراية إجمال المخصص المتصل اللفظي إلى العام وسقوط ظهوره به في الموارد المشكوكة. وعليه فإطلاق (حرم عليكم الخمر) محفوف بقرينة عقلية مجملة مفهوما، فكأنه قال: (حرم الخمر المبتلى به) والمفروض عدم الإحاطة بحدود مفهوم الابتلاء، فالقدر المتيقن من فعلية الحرمة هو حرمة الخمر الداخل في محل الابتلاء، والمشكوك دخوله فيه لا سبيل لاثبات حكمه وهو الحرمة بالتشبث بأصالة الاطلاق.
لكنك خبير باندفاع هذا الاشكال بما تقدم في تقريب كلام الشيخ في التمسك بالاطلاق ونزيدك هنا توضيحا - بعد تسليم الكبرى - بمنع كون المقام من صغرياتها، ضرورة أن حكم العقل بدخل القدرة العادية في التكليف ليس في الضرورة والوضوح بمثابة حكمه بقبح الظلم وحسن الاحسان ودخل القدرة العقلية في كل تكليف، فإنه يدركه كل ذي مسكة بأدنى التفات، وهذا بخلاف الابتلاء، ولذا استدل عليه بالاستهجان تارة واللغوية أخرى وطلب الحاصل ثالثة، فهو من الحكم العقلي النظري الذي لا يقدح احتفافه بالعام في انعقاد ظهوره في العموم، ولا يخرج به العام عن الحجية إلا فيما علم من التخصيص للمزاحمة وأقوائية ظهوره من ظهور العام، وبعد مرجعية عموم أو إطلاق أدلة المحرمات لا تصل النوبة إلى الأصل العملي.
وأما الثالث - وهو الاشكال على التمسك بأصالة الاطلاق في الشبهة المصداقية للابتلاء - فهو ما تقدم منا في بحث العام والخاص من عدم حجية أصالة العموم في مطلق الشبهات المصداقية، وعدم إجراء التفصيل بين المخصص الذي له عنوان