وما أفاده من كون الحكم بالنسبة إلى الموضوع كعارض الماهية فهو كلام متين، وقد أشرنا إليه في الجز الأول، لكن الظاهر أن مثل هذه الدقائق العقلية لا تتطرق في باب الاستظهار من الأدلة الشرعية الملقاة إلى العرف وان لم نقل باعتبار مسامحاته في مقام التطبيق، فان الأحكام الشرعية أمور اعتبارية، وموضوعاتها من الأمور المتأصلة عندهم، ففي مثل (لا تشرب الخمر) يرون الموضوع بالنظر الدقي هو الخمر الخارجي، لا الصورة العلمية منه القائمة بنفس المولى.
وحينئذ فالمنفي هو الحكم بلسان نفي موضوعه نفيا ادعائيا لا حقيقيا، لفرض تقوم النفي الحقيقي بانعدام أفراد الطبيعة خارجا كما في (لا رجل في الدار) وأما مع وجودها خارجا فالنفي بالعناية والادعاء.
وبالجملة: يكفي في صحة نفي الموضوع في الانشاء نفي موضوعيته للحكم من دون اعتبار عدم ترتب أثره البارز عليه.
وثانيا: بما في تقرير بعض أعاظم العصر (مد ظله) من: (أن المنفي في المقام هو عنوان الضرر، والضرر ليس عنوانا للفعل الموجب للضرر، بل مسبب عنه ومترتب عليه، فلو كان النفي نفيا للحكم بلسان نفي موضوعه لزم أن يكون المنفي في المقام الحكم الثابت لنفس الضرر، لا الحكم المترتب على الفعل الضرري).
لكن يرد عليه نقضا بما اختاره من كون المنفي نفس الحكم ابتدأ وفاقا للشيخ الأعظم والمحقق النائيني، حيث إن الضرر ليس عنوانا لنفس الحكم، ولا يحمل عليه بالحمل الشائع، بل مترتب عليه، لعدم كون نفس وجوب الوضوء ضررا على المكلف وانما هو ضرري، فلو لم يصح تعنون العلة والسبب بوصف المعلول والمسبب لم يفرق فيه بين كون الضرر المنفي عنوانا للموضوع أم للحكم، إذ ليس الضرر محمولا على الموضوع ولا على الحكم حينئذ، وهذا لا يلتئم مع جعل