منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٦ - الصفحة ١٠٣
وليس للابتلاء في هذا التعريف عين ولا أثر. وان أبيت عن ذلك فالاطلاق المقامي كاف لنفي دخل الابتلاء، بعد أن اعتبر الشارع أمورا عامة وخاصة في فعلية أحكامه ولم يعتبر الابتلاء فيها مع كونه بصدد البيان، فالسكوت عنه وعدم ذكره في عداد الشروط دليل على عدم اعتباره فيها.
ويمكن أن يجاب عن الاشكال الرابع بأن المراد بفعلية الحكم عقلا هو تنجزه المتقوم بوصوله إلى المكلف بعلم أو علمي تقوم المعلول بالجز الأخير لعلته التامة، والقدرة العقلية وان كانت دخيلة في التنجز أيضا، الا أن دخلها فيه إعدادي، ومن المعلوم أن الخطاب لا يتكفل مرتبة التنجز المتأخرة عنه، فيمتنع التمسك بإطلاقه لتنجزه كما لا يخفى. وأما الابتلاء فهو دخيل في عدم استهجان الخطاب عرفا، وليس وزانه وزان القدرة العقلية التي يقبح الخطاب بدونها عقلا، بل وزانه وزان العناوين الثانوية المقدورة عقلا للمكلف كالعسر والضرر ونحو هما في صحة الخطاب معها إطلاقا وتقييدا، فيصح للشارع أن يأمر المكلف بالوضوء مثلا وان كان حرجيا أو ضرريا، كما يصح أن يأمره بالوضوء ان لم يلزم منه شئ منهما. وكذا الحال في الابتلاء، فيصح للشارع أن ينهى المكلف عن شرب المتنجس مطلقا أو مقيدا بالابتلاء به.
فالمتحصل: أن تنجز الحكم متقوم بالوصول دون القدرة العقلية و الابتلاء، فإنهما من معداته، فالتمسك بإطلاق الخطاب من هذه الجهة في مشكوك الابتلاء لا محذور فيه.
وأما الثاني: وهو الاشكال على مرجعية الاطلاق في الشبهة المفهومية بعد الفراغ عن اعتبار الابتلاء، فحاصله: أنه قد يقال في وجه عدم جواز التمسك به