منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٦ - الصفحة ٤٥٧
وإفطار الصوم للمسافر هدية للنبي صلى الله عليه وآله وأمته كرامة كما في بعض الروايات مثل ما رواه في الخصال بسنده عن السكوني عن جعفر عن آبائه عليهم السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: (ان الله أهدى إلي وإلى أمتي هدية لم يهدها إلى أحد من الأمم، كرامة من الله لنا، قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: الافطار في السفر والتقصير في الصلاة، فمن لم يفعل ذلك فقد رد على الله عز وجل هديته) أو رحمة وامتنانا كما في بعضها الاخر، مثل ما عن العلل والعيون عن الفضل ابن شاذان عن الرضا عليه السلام، قال: (وانما قصرت الصلاة في السفر، لان الصلاة المفروضة أولا انما هي عشر ركعات، والسبع انما زيدت فيها بعد، فخفف الله عنه تلك الزيادة لموضع سفره وتعبه ونصبه واشتغاله بأمر نفسه وظعنه و إقامته لئلا يشتغل عما لا بد له منه من معيشته، رحمة من الله و تعظيما عليه، إلا صلاة المغرب، فإنها لم تقصر، لأنها صلاة مقصورة في الأصل).
أو صدقة كما في مرسل ابن أبي عمير عن الصادق عليه السلام، قال:
(سمعته يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان الله عز وجل تصدق على مرضى أمتي ومسافريها بالتقصير والافطار، أيسر أحدكم إذا تصدق بصدقة أن ترد عليه؟).
وعليه فإذا أتى المسافر بالصلاة تماما أو صام فقد أدرك المصلحة الواقعية، لانحفاظها كما في سائر موارد الاحكام الترخيصية، فان مصلحة التسهيل مما يتدارك بها الواقع. ولا منافاة بين كون القصر و الافطار رخصة وبين كونهما عزيمة، لان الرخصة انما هي في جعلهما هدية للعباد، ومعنى العزيمة أن قبول الهدية واجب كما يشعر به بعض تعبيرات النصوص، لان في بعضها (ان الله تعالى يحب أن يؤخذ برخصه