المبدأ، وفي خصوص المورد، حيث لا يراد منه فعل الاثنين، فهل هو تأكيد للضرر كما زعمه المحقق الخراساني، أم أنه للتعمد والتقصد بالضرر كما اختاره المحقق الأصفهاني، أو الاصرار عليه كما اختاره المحققان النائيني والعراقي، أو قيام الفاعل مقام إيجاد المادة كما في تقرير بعض الأعاظم، أو للسعي لايجاد المادة كما في مستمسك سيدنا الأستاذ؟ وجوه، بل أقوال.
وتنقيح البحث منوط بالنظر أولا: إلى مفاد هيئة المفاعلة - بناء على عدم كون ضرار مصدرا للثلاثي المجرد - وثانيا: إلى ما يمكن أن يدل عليه اللفظ في خصوص المورد، فينبغي البحث في موضعين.
الأول: في مفاد باب المفاعلة، والمشهور أنه فعل الاثنين، بل هو الأصل الذي يحمل عليه اللفظ. وقد أورد عليه المحقق الأصفهاني في تعليقته على الكفاية واختار أن مدلول هذه الهيئة تعدية المادة إلى الغير وإيصالها إليه فيما إذا لم يكن الفعل بنفسه متعديا إلى شخص، والتقصد بإيصالها إليه فيما كان الفعل متعديا بنفسه كما سيتضح.
ومحصل كلامه (قده): أن ما يدعيه المشهور غير سديد، وذلك لاستعمال هذه هذه الهيئة في القرآن الكريم وغيره من الاستعمالات الصحيحة مع عدم صحة انتساب المادة إلى الاثنين أو عدم إرادته، وذلك كقوله تعالى: (يخادعون الله، ومن يهاجر إلى الله ويراؤون، و نافقوا، وشاقوا، وناديناه، ومسجدا ضرارا، ولا تمسكوهن ضرارا ولا تؤاخذني) وقولهم: عاجله بالعقوبة، وبارزة بالمحاربة، و ساعده التوفيق، وباشر الحرب، وخالع المرأة، وواراه في الأرض. إلى غير ذلك. ولا ريب في إرادة فعل الواحد في هذه الأمثلة و نحوها. مع أن المشهور فرقوا بين مدلول صيغتي المفاعلة والتفاعل - بعد اشتراكهما في إفادة قيام الفعل بالاثنين - بانتساب المادة إليهما بالأصالة في التفاعل، وبالأصالة إلى أحدهما والتبعية إلى الاخر في المفاعلة.