منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٦ - الصفحة ٨٩
المسلمين، فان المولى مع علمه بعدم ترتب انبعاث العبد وانزجاره عليه كيف تتمشى منه الإرادة والكراهة الجزميتان. وبصحة تكليف الكفار بالفروع بنفس الوجه.
وعدم قبح تكليف غالب المكلفين - خصوصا أرباب المروات - و نهيهم عن بعض المحرمات كأكل الحشرات والقاذورات وكشف العورة مع أن دواعيهم مصروفة عنها قطعا، وأمرهم بالانفاق على الزوجة والأولاد ونحوه مما يكون بناؤهم على العمل به وعدم تركه ولو لم يشرع خطاب أصلا. نعم منشأ لغوية الخطاب في الابتلاء وان كان هو بعد المسافة مثلا وفي مورد النقض الصارف النفساني المانع عن الارتكاب. لكن هذا غير فارق. والالتزام بعدم الأمر والنهي المولويين في الموارد المذكورة كما ترى.
ولا يخفى أن النافي لشرطية الابتلاء في فسحة من هذا النقض، لصحة التكليف في تمام هذه الموارد. الا أن المحقق النائيني (قده) مع التزامه باعتبار الابتلاء في خصوص التكاليف التحريمية أجاب عنه بما محصله: (الفرق بين عدم القدرة عادة على الفعل وبين عدم إرادته كذلك، لكون الأولى من الانقسامات السابقة على الخطاب، فيمكن دخلها فيه بحيث تكون من قيود موضوع الخطاب كالبلوغ و العقل، وهذا بخلاف الإرادة والإطاعة ونحوهما مما يكون متأخرا عن الخطاب ومترتبا عليه، فان مثلها يمتنع دخله فيه. فلا يمكن أن يتقيد التكليف بحال وجود إرادة العبد ولا بحال عدمها لا بالتقييد اللحاظي ولا بنتيجة التقييد. وعليه فاستهجان الخطاب ثابت عند عدم القدرة العقلية والعادية، بخلاف عدم الإرادة، فالقياس مع الفارق)