والحاصل: أن الفرق بين القول بإفادة الجملة للنفي أو النهي جوهري يظهر ثمرته في الحكومة كما سيأتي التعرض له في التنبيهات إن شاء الله تعالى، ولا سبيل لارجاع الثاني إلى الأول.
فالمتحصل: أن عمدة الاشكال على اراده النهي من (لا ضرر) أمران:
أحدهما: الاجمال وعدم القرينة عليها، إلا أن يكون المورد قرينة عليها بالتقريب المتقدم بقولنا: (فإنه بمنزلة الصغرى لان فعله مضاره.
إلخ) فتأمل.
ثانيهما: عدم دلالته على فساد المعاملة الضررية.
4 - نفي الضرر غير المتدارك رابعها: ما عن بعض الفحول كالفاضل التوني والنراقي (قدهما) من أن المنفي هو الضرر غير المتدارك، بمعنى نهي الشارع عن الضرر غير المجبور بشئ من الضمان ونحوه، فالضرر المتدارك بحكم الشارع ينزل منزلة العدم، كما هو كذلك عرفا، ولذا لا يعدون التاجر الذي ربح في إحدى معاملاته عشرين دينارا مثلا وخسر في بعضها هذا المقدار أيضا من التجار الذين خسروا وتضرروا في تجارتهم.
وعليه (فلا ضرر) كناية عن لزوم تدارك الضرر شرعا للمتضرر.
فهذا الوجه يشترك مع الوجهين الأولين في كون المنفي هو طبيعة الضرر، ويفترق عنهما بأنه مقيد بالتدارك. والمصحح لنفي الطبيعة فيه هو حكم الشارع بلزوم التدارك الذي نزل وجودها منزلة العدم. ونتيجة هذا الوجه لزوم تدارك طبيعة الضرر، هذا.
ويرد عليه أولا: أن إرادة الضرر غير المتدارك ان كانت بالاستعمال فيه مجازا فهي خلاف أصالة الحقيقة وتحتاج إلى قرينة صارفة، و هي مفقودة. وان كانت بدال مستقل فهي خلاف أصالة الاطلاق، ويحتاج التقييد إلى الدليل، وهو أيضا