منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٦ - الصفحة ١٦٩
النار للاحراق لولا المانع كالرطوبة، والمفروض أن العلم الاجمالي الحادث بعد العلم بالملاقاة غير مقتض للتنجيز في حد نفسه، لعدم إمكان تنجز المتنجز، كما سيظهر، فعدم تنجيز هذا العلم الاجمالي الثاني مستند إلى عدم المقتضي له، لا إلى وجود المانع، فلا تصل النوبة إلى إسقاطه عن الاعتبار بالمانع وهو جريان الأصل النافي في بعض الأطراف.
هذا كله مضافا إلى أن في كلام الشيخ الأعظم مسامحة أخرى، فان العلم الاجمالي الذي تعرض له بقوله: (ان قلت) مبني على السراية، بشهادة تنظيره بتقسيم ما في أحد الإناءين وصيرورة الأطراف ثلاثة و أنه يجب الاجتناب عن الجميع.
وجوابه المتقدم بيانه مبني على القول بالتعبد، فيعود النزاع مبنائيا. الا أن يكون المقصود منع القول بالسراية بنفس هذا الجواب.
الوجه الثاني: ما أفاده المصنف من عدم العلم بفرد آخر من النجس في البين وذلك لاستحالة تنجز المنجز، فان التكليف قد تنجز في طرف الملاقى بالعلم الأول، ولا يمكن تنجزه ثانيا بالعلم الثاني، فلا يبقى إلا الشك في حدوث التكليف في الملاقي، وهو موضوع للأصل النافي. وهكذا حكم المصنف في الصورة الثانية، فحكم بعدم وجوب الاجتناب عن الملاقى فيها، لعدم العلم بفرد آخر من النجس.
وقد أورد عليه - كما عن شيخنا المحقق العراقي قدس سره - بأن التفاوت بين الصور الثلاث مبني على كون العلم الاجمالي بحدوثه موجبا لتنجز المعلوم إلى الأبد، وهو ممنوع، كيف لا يمنع؟ ولازمه في صورة ارتفاع العلم بسبب طروء