هذا حال الاحتمال الأول الذي رجحه الشيخ الأعظم (قده) وجعله أقرب إلى المعنى الحقيقي الذي هو الاخبار بنفي طبيعة الضرر. مع أن الترجيح بالأقربية على تقدير تسليمها - وعدم كون إرادة النهي أقرب إلى المعنى الحقيقي - ممنوع، إذ المناط في حجية مداليل الألفاظ ببناء العقلاء هو الظهور، والأقربية إلى المعنى الموضوع له ما لم توجب ذلك لا تكون حجة.
ولعله لذا عدل المحققان النائيني والعراقي (قدهما) من هذا الاستعمال المجازي إلى كون المنفي نفس طبيعة الضرر في صقع التشريع حقيقة. وقد أصر عليه الميرزا وشيد أركانه بتمهيد أمور أهمها كون المنفي في وعاء التشريع هو الحكم حقيقة، فالجملة إنشائية، وذلك بعد أن أتعب نفسه الزكية في إثبات كون الضرر عنوانا ثانويا لنفس الأحكام الشرعية من التكليفية والوضعية، أما في الثاني فلان حكم الشارع بلزوم العقد الغبني تشريع للضرر وعلة تامة له من دون توسط أمر آخر. وأما في التكليفية (فلان نفس الالزام كإيجاب الوضوء وان لم يكن علة تامة للضرر، لتوسط إرادة المكلف واختياره، الا أن إرادته حيث كانت مقهورة في عالم التشريع لهذا البعث والجعل الشرعي فبالآخرة ينتهي الضرر إلى البعث والجعل كانتهاء المعلول الأخير إلى العلة الأولى، لا كانتهائه إلى المعد، فإنه فرق بين سقي الزارع وحرثه وبين أمر الشارع وجعله.).
لكن قد عرفت فيما أورد على كلام الشيخ أن إيجاب الشارع للوضوء معد لا علة تامة للضرر. وعلى تقدير تسليم العلية التامة، فلا يوجب ذلك كون الاستعمال حقيقيا، فان علاقة السببية والمسببية من أظهر علائق المجاز.
ومنه يظهر غموض ما أفاده شيخنا المحقق العراقي (قده) في مقالاته في مقام الاستظهار من الهيئة الكلامية بقوله: (أظهرها الحمل على نفي الحقيقة بضميمة تقييده