منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٦ - الصفحة ٢٤٥
أخبر الشارع بعدم المؤاخذة على ترك الأكثر الذي حجب العلم بوجوبه كان المستصحب وهو الاشتغال المعلوم سابقا غير متيقن إلا بالنسبة إلى الأقل، واحتمال بقاء الاشتغال حينئذ من جهة كون الواجب هو الأكثر منفي بحكم هذه الأخبار).
وأورد عليه المصنف في حاشية الرسائل بما لفظه: (لا يخفى أن استصحاب الاشتغال على تقدير صحته حسب ما عرفت كما هو وارد على حكم العقل بالبراءة لو سلم على ما بيناه، فكذلك هو وارد على هذه الأخبار، فان الأكثر حيث يتعين به الخروج عن عهدة التكليف الثابت بالاستصحاب على تقدير الاتيان بالأقل، فوجوب الاتيان به عقلا تفريغا للذمة وخروجا عن العهدة معلوم، فكيف يكون داخلا فيما حجب، هذا لو لم نقل بالأصل المثبت، وأما على القول به فالأكثر معلوم الوجوب شرعا ليس مما أخبر الشارع بعدم المؤاخذة على تركه لأجل حجب العلم بوجوبه، وهذا أوضح من أن يحتاج إلى مزيد بيان).
والتحقيق أن يقال: ان كان مفاد حديثي الرفع والحجب نفي المؤاخذة على المجهول كما يرشد إليه قول الشيخ (قده): (فإذا أخبر الشارع بعدم المؤاخذة على ترك الأكثر) وبنينا على اعتبار مثبتات الأصول، فدعوى ورود الاستصحاب على البراءة النقلية أو حكومته عليها في محلها، إذ يحرز وجوب الأكثر حينئذ بالتعبد الاستصحابي، لوضوح أن البيان الموضوع عدمه لقاعدة القبح ما هو أعم من الواقعي و الظاهري، وحيث إن الاستصحاب محرز للواقع عملا، فلازمه اشتغال الذمة بالأكثر، لقيام الحجة عليه. ولا مجال لنفي المؤاخذة عليه بحديث الرفع، لزوال الشك تعبدا ببركة الاستصحاب، لان حديث الرفع بناء على اقتضائه لنفي المؤاخذة مساوق لقاعدة قبح العقاب بلا بيان، ولا ريب في كونها حينئذ مورودة