الاضرار بالغير لا منة فيه، بل هو خلاف الامتنان، فشرط جريان هذه القاعدة أن يكون فيها منة على العباد، وإلا فلا تجري، نظير جريان أصل البراءة في كونه من الاحكام الامتنانية.
نعم عمدة الاشكال على هذا الوجه هي عدم انطباق ضابط نفي الحكم بلسان نفي الموضوع عليه، حيث إن ضابطه كما مر آنفا نفي الحكم الثابت لطبيعة عن نفسها أو عن بعض أنواعها أو أصنافها، فلا يشمل حكما ثبت لموضوع طرأ عليه ذلك العنوان تصادفا.
وعليه فليس وجوب الوضوء الضرري ولزوم الوفاء بالبيع الغبني وسلطنة المالك إذا صارت ضررية ونظائرها من صغريات قاعدة نفي الحكم بلسان نفى الموضوع، ضرورة أن الاحكام في هذه الأمثلة ثبتت لعناوين خاصة من الوضوء والبيع وسلطنة المالك على ماله ولم تثبت لعنوان الضرر حتى ترتفع بقاعدة نفيه.
والحاصل: أن لا ضرر بناء على كونه من نفي الحكم بلسان نفي الموضوع لا يشمل أمثال هذه الموارد مع بناء الأصحاب على شموله لها رفع أحكامها به، فلا بد من إرادة معنى آخر من (لا ضرر) ولا موجب لحمله على نفي الحكم بلسان نفي الموضوع كما التزم به صاحب الكفاية (قده) في رفع الخطأ والنسيان في حديث الرفع، حيث جعل رفع الحكم فيهما من هذا الباب.
توضيح عدم الموجب له في المقام ما عرفت من عدم انطباق ضابط نفي الحكم بلسان نفي الموضوع عليه، وعدم دليل خارجي أيضا على لزوم الالتزام بذلك فيه بعد إمكان حمله على معنى آخر من المعاني المحتملة في (لا ضرر) وهذا بخلاف رفع الخطأ والنسيان، فإنه بعد امتناع نفيهما تكوينا، لوجودهما في الخارج فيلزم الكذب، وتشريعا بمعنى نفي الحكم المترتب على عنوانهما، للزوم كون الشئ مقتضيا لحكمه ورافعها له، ولغوية تشريع الحكم لعنوانهما كوجوب سجود