لغير المالك العرفي الذي يتحمل المشاق في تحصيله، وهذا الجعل ضرر على المالك، وهذا هو الاشكال، فلا تندفع بالحقيقة المزبورة كما هو واضح.
وخامسا: أن التخصيص بعد الغض عن إباء (لا ضرر) عنه كما مر آنفا مستهجن، لكثرته بمثابة تنافي كبروية القاعدة بحسب المحاورات العرفية، إذ وزان قوله: (لا ضرر) وتخصيصه بالمخصصات الكثيرة التي أشير إلى بعضها وزان قوله: (أكرم كل أمير) و تخصيصه بقوله: (لا تكرم فساق الامراء) مع فرض فسق جميعهم إلا واحدا منهم، فهل يصح إبراز وجوب إكرام شخص واحد منهم بصورة كبرى كلية؟ وهل يرتفع استهجان الكلام بكون المخصص عنوانا مع فرض كثرة العناوين الخارجة عن عموم القاعدة كما يظهر من ملاحظة الاحكام الضررية المالية وغيرها في الشريعة المطهرة؟ وسادسا: أن الضرر وان كان ناشئا تارة من الحكم كوجوب الزكاة و غيرها من الواجبات المالية، وأخرى من الموضوع كالصوم والوضوء الضرريين، فلذا يكون نسبته إلى كل منهما نسبة المعلول إلى العلة، ويصح نفي الضرر بلحاظ الحكم أو الموضوع، إلا أن المعهود في المحاورات من هذا التركيب هو إرادة الموضوع دون الحكم، كما في (لا رهبانية ولا نجش ولا شغار ولا غش، ولا بيع ولا عتق إلا في ملك، ولا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج) إلى غير ذلك مما ورد في الكتاب والسنة وغيرهما، ولم نعثر على مورد تعلق فيه النفي بالحكم مطلقا من التكليفي والوضعي، ومع عدم الظفر بذلك في المحاورات يشكل صحة إرادة نفي الحكم من (لا ضرر) ويقوى إرادة خصوص الموضوع الضرري منه لا الحكم، ولا الأعم منه ومن الموضوع الضرري.
فمحصل هذا الاشكال الاثباتي هو: كون إرادة الحكم من الضرر في حديثه خلاف الاستعمالات المتعارفة في هذا التركيب عند أبناء المحاورة.