طبيعة الحكم الضرري في الاسلام يناقض وجود أحكام ضررية كثيرة فيه كالواجبات المالية طرا، ووجوب الحج والجهاد، وسلب مالية بعض الأموال العرفية كالخمر والخنزير، وهيئات آلات القمار والطرب، فان وجوب الخمس والزكاة والكفارات ضرر على المالكين، وهو من أظهر أفراد طبيعي الحكم الشرعي الناشئ منه الضرر، لأنه بتمام هويته لا بإطلاقه علة للضرر، فهو من أجلى مصاديق الحكم الضرري، ومع وضوح تشريع هذا الوجوب كيف يصح نفي طبيعة الضرر شرعا؟ مضافا إلى: إباء مثله عن التخصيص، لكونه من الاحكام الامتنانية كقاعدة نفى الحرج.
ودعوى خروج الموارد المزبورة عن حيز القاعدة تخصصا لا تخصيصا، إما لاختصاص القاعدة بما إذا كان الضرر ناشئا من إطلاق الحكم كالوضوء الضرري لا من نفس الحكم وطبعه كوجوب الخمس وغيره من الأمثلة المتقدمة، وإما لكون الزكاة والخمس و الكفارات حقا للفقراء، والمكلف يؤدي إليهم حقهم، فلا يتضرر المالك شيئا (غير مسموعة) إذ في الأول: أنه خلاف ظاهر كلام الشيخ (قده):
(ان الشارع لم يشرع حكما يلزم منه ضرر على أحد) لان ظهوره في ترتب الضرر على نفس الحكم وطبعه أقوى بمراتب من ظهوره في ترتب الضرر عليه بواسطة أو وسائط. كما أن اسناد الضرر إليه بلا واسطة اسناد حقيقي، لكونه إلى ما هو له، بخلاف اسناده إليه مع الواسطة، فإنه اسناد مجازي، لكونه إلى غير ما هو له، فشمول (لا ضرر) بناء على احتمال الشيخ للحكم الذي بهويته يوجب الضرر لا يحتاج إلى عناية، بخلاف الحكم الذي يوجبه بواسطة أو وسائط، فان شموله له يحتاج إلى عناية.
وفي الثاني: أن حقية الخمس والزكاة للسادة والفقراء لا تدفع الاشكال بل تسجله، إذ الحقية مترتبة على جعل مقدار من المال الزكوي و المتعلق للخمس