منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ١ - الصفحة ٥١٨
فرد آخر أحسن منه (1)، بل مطلقا (2) كما كان له
____________________
(1) كالصلاة المعادة جماعة، لما ورد من: أن الله تعالى يختار أحبهما إليه.
(2) يعني: ولو لم يكن الفرد الثاني أحسن من الأول، بل مساويا له، أو دونه.
أو يصح أحبهما إليه) كان منافيا لما ذكرناه، ففي مثل الصلاة المعادة نقول: إن المطلوب متعدد، حيث إن نفس الطبيعة كالصلاة مطلوب، والخصوصية - وهي إتيانها جماعة مثلا - مطلوب آخر، فإذا أتى بالصلاة فرادى يسقط الامر المتعلق بالطبيعة، لانطباقها على المأتي به قهرا الموجب للاجزاء عقلا، ويبقى أمر الخصوصية، وحيث إنه لا يمكن امتثاله إلا بإعادة الصلاة، فتعاد استحبابا، للامر بتلك الخصوصية، وبعد الاتيان بها ثانيا معها يختار الله عز وجل ويقبل أحبهما إليه من حيث شرائط القبول. وقد ظهر مما ذكرنا: أن الغرض من الامر بإحضار الماء للشرب أو الوضوء هو التمكن منهما، لا ترتبهما عليه فعلا، لما مر من امتناع دخل إرادة غير المأمور في ترتب الغرض على متعلق الامر، فليس الغرض الداعي إلى الامر إلا حصول التمكن من الشرب والوضوء المتحقق بنفس إحضار الماء الموجب لسقوط الامر، فلو أمر المولى بعد ذلك بإحضار الماء أيضا، فلا بد أن يكون ذلك لغرض آخر غير التمكن المزبور، كما إذا أمر ثانيا لادراك خصوصية، كبرودة الماء، أو صفائه، أو غيرهما، فإنه يرجع ذلك إلى غرض آخر غير الغرض القائم بالفرد السابق، فجواز تبديل الامتثال - بعد فرض كونه مترتبا على انطباق المأمور به على المأتي به - مما لا يخلو من الغموض، فالامتثال علة تامة لسقوط الامر والغرض فتأمل جيدا.