منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ١ - الصفحة ٥١٧
على مذهب مشهور العدلية من قيام الملاكات بنفس الافعال لا بد وأن يترتب على الفعل، وإلا فلا فائدة في الامر، ضرورة أن الامر إنما يكون لحفظ الملاكات واستيفائها، فلو لم يكن الفعل المتعلق للامر وافيا بالغرض وهو الملاك، فيلغو الامر، وهو قبيح على العاقل فضلا عن الحكيم، ومقتضى ذلك عدم دخل إرادة الفاعل المختار غير إرادة المأمور في الغرض، إذ لو كان لها دخل فيه لما كان ذلك مسببا توليديا لفعل المأمور، ولما تمكن المأمور من استيفائه بفعله، وهذا خلاف حكمة الامر. وببيان أوضح: الملاكات من الأمور الخارجية و الخواص التكوينية المترتبة على الافعال، فلا بد في صحة الامر من وفاء متعلقه بالغرض. وعليه فلا معنى لصحة تبديل الامتثال، بل الاتيان الأول واف بالغرض، فيسقط الامر، فالامتثال علة تامة لسقوط كل من الغرض والامر. لا يقال: إن ما دل من الروايات في الصلاة المعادة جماعة على أن الله تعالى يختار أحبهما إليه) أقوى دليل على جواز تبديل الامتثال، وعلى عدم كون الوجود الأول علة تامة للامتثال وسقوط الامر. فإنه يقال: إن الامتثال المترتب على انطباق المأمور به على المأتي به عقلي، وليس منوطا بإرادة أحد، بل يمتنع إناطته بها، لصيرورة الفعل المتعلق للامر حينئذ غير مقدور للمأمور، فالامتثال ليس مترتبا على شئ غير انطباق المأمور به على المأتي به، وهو قهري، وهذا كله واضح لا غبار عليه، وليس في العقل والنقل ما ينافي ذلك، وروايات الصلاة المعادة لا تنافيه، لأنها في مقام بيان القبول، لا الاجزاء الذي هو مورد البحث، فإن قولهم عليهم السلام: (يختار أحبهما أو أفضلهما إليه) كالصريح في ذلك. نعم لو كانت العبارة هكذا: (يجزى