منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ١ - الصفحة ٥١١
المتعلقات بجميع وجوداتها، إلا أنه قام الدليل على مطلوبية صرف وجودها، لتحقق الطهارة به. وإن لم يكن لمتعلقه موضوع خارجي لا يسري الطلب إلى غير أول وجودات الطبيعة المأمور بها، لانطباقها عليه، فيجزي عقلا، فيسقط الامر، والمفروض عدم موضوع خارجي لمتعلق الطلب تقوم به المصلحة حتى يقال بلزوم سريان الطلب إلى سائر الافراد، لعدم مرجح لاختصاصه بأول الوجود بعد فرض كون سائر الوجودات مثله في قيام الملاك الداعي إلى الطلب بها، فمقتضى قاعدة قبح الترجيح بلا مرجح مطلوبية جميع الوجودات، إلا إذا قام دليل من الخارج على خلافه.
وبالجملة: فقاعدة الانحلال محكمة ما لم يقم دليل على خلافها، وإذا فرض عدم تماميتها فالمرجع في الزائد على المرة أصالة البراءة، لكون الشك فيه شكا في التكليف، وفي المرة نفس الخطاب، لدلالته على مطلوبية إيجاد الطبيعة، ونقض عدمها المحمولي بالوجود كذلك، ومن المعلوم: تحقق ذلك بأول وجودها، فالاكتفاء بالمرة إنما هو لأجل طارديتها للعدم التي هي قضية الامر. فتلخص مما ذكرناه أمور:
الأول: أن النزاع في دلالة الصيغة على المرة أو التكرار ساقط عن درجة الاعتبار.
الثاني: أنه يمكن توجيه نزاع القدماء في ذلك بما مر.
الثالث: أنه يرجع إلى قاعدة الانحلال فيما لم تنهض حجة على خلافها.
الرابع: أن الأصل العملي بعد فرض وصول النوبة إليه يقتضي عدم وجوب ما عدا أول الوجود من الوجودات.