منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ١ - الصفحة ١٨٤

____________________
المحققين - كصاحب القوانين (قده) - على عدم الجواز، وحاصله: أن الوضع قد حصل في حال وحدة المعنى وانفراده، ولما كانت اللغات توقيفية فلا بد من مراعاة انفراد المعنى حين استعمال اللفظ فيه، فاستعماله في أكثر من معنى ينافي توقيفية اللغات، فلا يجوز. ومحصل جواب المصنف (قده) عنه هو: أن تحقق الوضع في حال وحدة المعنى وانفراده لا يمنع عن استعمال اللفظ في أكثر من معنى. وبعبارة أخرى: كون انفراد المعنى من حالات الوضع لا يوجب متابعته والالتزام به حتى يلزم استعمال اللفظ في المعنى المنفرد، وإلا وجب متابعة سائر الحالات المقارنة للوضع كوقوعه في الليل أو النهار وفي الصيف أو الشتاء أو في حال شباب الواضع أو غناه أو فقره إلى غير ذلك من الخصوصيات المقارنة للوضع، وكان فقدان خصوصية من الخصوصيات المقارنة له مانعا عن صحة الاستعمال، ومن المعلوم عدم كون شئ منها مانعا عنها.
فالمتحصل: أن الانفراد حال الوضع غير مانع عن جواز الاستعمال في الأكثر. نعم إنما يتصور المنع إذا كان الانفراد قيدا للوضع، بأن اشترط الواضع على المستعملين أن لا يستعملوا اللفظ في المعنى إلا في حال انفراده بعد كون

من معنى من ناحية اعتبار الوحدة، وإنما المانع تعدد اللحاظ المتضاد مع وحدة الاستعمال، هذا كله في الوحدة اللحاظية المانعة عن الاستعمال في المعنيين. وأما الوحدة المفهومية فيكذبها الوجدان، إذ اللازم من ذلك دلالة اللفظ دائما على نفس المعنى تضمنا لا مطابقة، لأن المفروض كون طبيعة المعنى جز الموضوع له لا تمامه. وأما الوحدة الخارجية المساوقة للوجود والتشخص، فهي محفوظة ولو مع استعماله في ألف معنى كما لا يخفى.
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»
الفهرست