لو حدثتك بحديث العام ثم جئتني من قابل فحدثتك بخلافه بأيهما كنت تأخذ قال قلت كنت آخذ بالأخير فقال لي رحمك الله (1).
والخبر الأخير ضعيف السند للارسال، والثاني ضعيف بابي عمرو الكناني لأنه لم يوثقه أحد، وصاحب الوسائل في كتاب الامر بالمعروف في باب التقية ينقل الرواية عن البرقي في المجالس عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (ع) وهذا السند صحيح، وان كان يحتمل قويا سقوط أبى عمرو في هذا السند فهشام ينقل الخبر عن أبي عمرو، والقرينة عليه تكرار لفظ أبى عمرو في تلك الرواية أيضا مرتين في كلام الإمام (ع)، وخبر المعلى لا باس به سندا.
ويمكن ان يقال ان الترجيح بالأحدثية ان ثبت لا ريب في كونه تعبديا محضا ولا يوافقه القواعد العقلائية المرتكزة في باب الطريقية لان كلمات الأئمة عليهم السلام ناظرة بأجمعها إلى الحكم الكلى الواحد النازل على رسول الله (ص) فلا اثر لتقديم بعضها على بعض، وعليه فلابد من الاقتصار على مورد الروايات وهو ما علم بصدور الحديثين - لا حظ - قوله (ع) لو حدثتك بحديث أو أفتيتك بفتوى الخ، ونحوه غيره.
وعلى ذلك فالتعدي إلى الظنيين بعد احتمال دخل القطع بالصدور في هذا الحكم بلا وجه، مع أن مورد الأحاديث هو حضور السامع للحديث الا حدث مجلس الصدور لاحظ خبر المعلى، ومع احتمال الخصوصية لا وجه للتعدي.
وكيف كان فالظاهر عدم ارتباطها بترجيح إحدى الروايتين على الأخرى مطلقا، بل انما هي في مقام بيان انه بعد وصول الثاني عن المعصوم (ع) تكون الوظيفة الفعلية أعم من الحكم الواقعي الأولى أو الثانوي من باب التقية هو ما وصل أخيرا، ولذا في مكاتبة ابن يقطين بعد سوء ظن الخليفة به امره (ع) بالوضوء على النحو الذي يتوضأ المخالفون، وهو مع علمه بعدم كونه موافقا للمذهب عمل به ثم بعد صلاح حاله عند الخليفة ورفع التهمة عنه امره (ع) بالوضوء الصحيح فهي أجنبية عن ترجيح إحدى الروايتين على الأخرى.