ثم إن المحقق النائيني (ره)، استثنى من ذلك ما لو كان التعارض بينهما ناشئا عن العلم الخارجي بكذب أحدهما، ولم يكن التعارض ذاتيا، كما في الخبرين الدال أحدهما على وجوب الجمعة والآخر على وجوب الظهر، من جهة ان كلا من الخبرين ليس له دلالة التزامية على عدم وجوب غير المؤدى.
أقول: يرد عليه ان الدلالة الالتزامية كما تكون تابعة للدلالة المطابقية وجودا تابعة لها حجية، مثلا لو أخبر زيد بفري أوداج عمرو، فيدل خبره بالدلالة الالتزامية على موته، أو أخبر بإصابة البول ببدنه، فيدل على نجاسة بدنه بالدلالة الالتزامية فلو علمنا من الخارج خطأ المخبر في المؤدى، ولكن احتمل موته في المثال الأول، ونجاسة بدنه في المثال الثاني لسبب آخر، فهل يتوهم أحد ان يكون الخبران ساقطين في مؤداهما عن الحجية واما في مدلولهما الالتزامي فيؤخذ بهما ويحكم بالموت والنجاسة.
والسر في ذلك أن المدلول الالتزامي ليس هو الموت والنجاسة بقول مطلق، بل الحصة الخاصة من كل منهما الملازمة للمؤدى، ففي المثال الأول المخبر عنه بالدلالة الالتزامية الموت المستند إلى فرى الأوداج لا مطلقه.
وعليه، ففي المقام لو كان مفاد أحد المتعارضين وجوب شئ ومفاد الآخر حرمته يكون المدلول الالتزامي للأول، عدم الإباحة الملازم للوجوب، والمدلول الالتزامي للآخر عدم الإباحة الملازم للحرمة، فكما انه لا يمكن اجتماع الوجوب والحرمة كذلك لا يمكن اجتماع عدمي الإباحة الملازمين لهما.
وتوهم انه لا تنافى بين العدمين الا باعتبار ملزومهما، وعليه فان أريد التعبد بالملزومين، أو التعبد باللازمين المقيدين بهما لم يكن ممكنا لفرض التنافي بينهما، واما لو أريد التعبد بذات اللازمين بحيث يكون التقيد داخلا والقيد خارجا فلا محذور فيه.
مخدوش فان المخبر عنه هو المقيد لا المطلق والتعبد به غير ممكن.
ثم انه قد يتوهم نفى الثالث بالبينتين المتعارضتين في بعض موارد التداعي، ولكن تنقيح القول في تلك المسائل وبيان انه لا ينفى الثالث بهما موكول إلى محل آخر.
واما المحقق الخراساني فحيث انه يرى حجية أحدهما لا بعينه فهو يرى أنه ينفى