هذا الكلام، قال فهو دليل بطلان الأول: (أي كون النهى عن استعلام الخير والشر)، أولا يكون سبب التحريم ما ذكره، بل مجرد النص المخصوص بذلك الفعل الخاص والوجه الخاص، أو يكون الاستخارة خارجة عنه بالنص.
واما الاجماع فعن الشيخ في مسألة تعارض البينتين، اجماع الفرقة على أن القرعة تستعمل في كل امر مجهول مشتبه، وفى مسألة تداعى الرجلين في ولد، ان القرعة مذهبنا في كل امر مجهول، وفى الوسائل دعوى الاجماع عليه. و في قواعد الشهيد ثبت عندنا قولهم عليهم السلام كل امر مجهول فيه القرعة.
وعن السرائر في باب تعارض البينات واجماعهم على أن كل امر مشكل فيه القرعة، وقال أيضا في ذلك الباب وأجمعت عليه الشيعة الإمامية.
ولا أظن على من تتبع كلمات الفقهاء في المسائل المختلفة ان يشك في كون العمل بالقرعة في الجملة اجماعي، وقد عمل الأصحاب باتفاق أو خلاف في موارد كثيرة، واليك طرف منها، تشاح أئمة الجماعة مع عدم المرجح، قصور المال عن الحجتين الاسلامية، والنذرية، واختلاط الموتى في الجهاد، وفى التزاحم، على مباح أو مشترك كمعدن، أو رباط مع عدم قبوله القسمة، وفى صورة تساوى بينتي الخارجتين، وفى تنازع صاحب العلو والسفل في السقف المتوسط، وفى الخزانة التي تحت الدرج، وفى بينتي المتزارعين إذا تعارضتا في المدة والحصة، وفى الوصية بالمشترك اللفظي، وفى الوصية بما لا يسعه الثلث مع العلم بالترتيب والشك في السابق أو مع الشك في السبق والاقتران، وفى ابتداء قسمة الزوجات، وفى حق الحضانة وفى اخراج المطلقة مطلقا، أو إذا مات ولم يعين، وفى اخراج مقدار الثلث مع تعدد المدبر، وفى ميراث الخنثى على قول ومن ليس له فرج على الأشهر، وفيما لو اشتبه الولد في كونه لعبد أو حر أو مشرك، وفى اشتباه الغنم الموطوئة، وفى من أوصى بعتق ثلث مماليكه، وفى تعدد السيف والمصحف في الحبوة، وفى ميراث الخامسة مع المشتبهة بالمطلقة، وفى تساوى البنيتين في اللقطة إلى غير ذلك من الموارد الكثيرة مما لا يبقى لاحد الشك في أن مشروعية القرعة في الجملة متفق عليها حتى في الموارد التي لم يرد فيها نص خاص.