الأولى: انه يعتبر في الاستصحاب زايدا على اليقين والشك وكون المستصحب حكما شرعيا أو موضوعا ذا حكم شرعي، أمران آخران، أحدهما ترتب اثر عملي عليه، ولا يكفي مجرد الأثر الشرعي في جريانه، اما على المختار من أن المجعول فيه الجري العملي فواضح، فإنه بدونه يلزم اللغوية من التعبد به، واما على مسلك المشهور من جعل الحكم المماثل فللانصراف، فان هذه الأصول أصول عملية أي مقررة للشاك وظيفة له في مقام العمل، فمع عدم الأثر العملي لا يجرى، وبالجملة جعل الحكم انما هو للعمل والا يكون لغوا.
نعم لا فرق بين كون العمل عملا جارحيا أو جانحيا، كالتسليم، والانقياد، والبناء، وما شاكل، ومجرد تسمية بعض الأفعال بالأصول لا يكون مانعا عن ذلك.
وبما ذكرناه ظهر ما في ما افاده الشيخ الأعظم من أنه لا يجرى الاستصحاب في الاعتقاديات مطلقا مستدلا له: بان الاستصحاب ان اخذ من الاخبار فهو لا يكون رافعا للشك، بل مؤداها الحكم على ما كان معمولا به على تقدير اليقين به، والمفروض ان وجوب الاعتقاد بشئ على تقدير اليقين به، لا يمكن الحكم به عند الشك، لزوال الاعتقاد فلا يعقل التكليف وان كان حجة من باب الظن فلا ظن بالبقاء أولا، ولا دليل على حجيته ثانيا.
ورتب عليه انه لو شك في نسخ الشريعة لا يصح الاستدلال بالاستصحاب، لبقائها، وأضاف ان الدليل النقلي الدال عليه لا يجدى لعدم ثبوت الشريعة السابقة ولا اللاحقة.
وجه الظهور: انه قد عرفت ان المعتبر في الاستصحاب ترتب اثر عملي عليه كان ذلك من الأعمال الجوانحية أو الجوارحية، والاعتقاد من القسم الأول، والنسبة بينه وبين اليقين عموم من وجه فإنه، قد يكون القطع موجودا ولا اعتقاد كما ينبئ عنه قوله تعالى (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم)، وقد يكون الاعتقاد والبناء موجودا ولا قطع كما في موارد التشريع وقد يجتمعان.
نعم، في الاعتقاديات التي يعتبر فيها اليقين لا يجرى الاستصحاب، لأنه لا يصلح للقيام مقام العلم الموضوعي، وان شئت قلت إنه في الاستصحاب مع حفظ الشك يكون