اللهم إلا أن يقال: بأن صورة قياس الاستنباط " هو أن وجوب صلاة الجمعة أخبر به الثقة، وكل ما أخبر به الثقة مطابق للواقع، فالوجوب مطابق للواقع " وحينئذ تندرج مسألة القطع في الأصول على التعريف المزبور، بناء على عدم حجيته الذاتية، كما لا يخفى.
وهكذا إذا قلنا: بأن موضوع الأصول هي الحجة في الفقه (1) وأريد من " الحجة " ما يحتج العقلاء بعضهم على بعض على الوجه المحرر في محله (2)، وليست هي بمعنى الوسط في القياس، ولا المجموع المركب من الصغرى والكبرى، ضرورة أن القطع مما يحتج به العقلاء - بعضهم على بعض - فيما يبتلون به في مسائلهم العملية. ومن هنا يظهر ما في " تهذيب الأصول " (3).
كما ظهر: أن القوم ظنوا أن وجه عدم كونها من مباحث الأصول، أنه حجة ذاتا، وقد عرفت أنه ليس حجة ذاتا، كما يأتي تفصيله (4). مع أنه ولو كان حجة بالإمضاء، فلا يكون وسطا للاستنباط، كالظن على الحكومة أو الكشف.
تذنيب لا شباهة بين مسألتنا هذه ومسائل علم الكلام، إلا على وجه يشبه سائر الأمارات المورثة لاستحقاق العقوبة. مع أن في الكلام لا ينعقد البحث عن هذه المسألة، وهو يشهد على أجنبيتها عنه.
نعم، يشبه المسائل العقلية والكلامية، لأجل كونه صفة من الكيفيات