العلم هو العلم المصادف لا الأعم منه ومن الجهل المركب - ضعيفة، لما عرفت من أن المراد من الانفتاح هو إمكان الوصول، فلا ملازمة بين الانفتاح وبين عدم الوقوع في خلاف الواقع، وعلى هذا يمكن أن تكون الأمارات الظنية في نظر الشارع كالأسباب المفيدة للعلم التي يعتمد عليها الانسان من حيث الإصابة والخطأ، أي كانت إصابة هذه الأمارات وخطائها بقدر إصابة العلم وخطائه. فإذا كان الحال هذه، فلا يلزم محذور من التعبد بالأمارات الغير العلمية، لعدم تفويت الشارع من التعبد مصلحة على العباد.
فما يظهر من الشيخ (قدس سره) من الاعتراف بالقبح في صورة الانفتاح ليس في محله، لما عرفت: من إمكان أن تكون الأمارات الغير العلمية من حيث الإصابة والخطأ كالعلم، بل الطرق المبحوث عنها في المقام كلها طرق عقلائية عرفية عليها يدور رحى معاشهم ومقاصدهم ومعاشراتهم، وليس فيما بأيدينا من الطرق ما يكون اختراعية شرعية ليس منها عند العقلاء عين ولا أثر، بل جميعها من الطرق العقلائية، وتلك الطرق من حيث الإتقان والاستحكام عند العقلاء كالعلم. أي حالها عندهم حال العلم من حيث الإصابة والخطأ، والشارع قرر العقلاء على الأخذ بها ولم يردع عنها، لعدم ما يقتضى الردع عنها كما ردع عن القياس مع أنه من الطرق العقلائية ويعتمدون عليه في مقاصدهم الدنيوية، إلا أن الشارع ردع عنه في الأمور الدينية، لأن القياس مبنى على استخراج المناط، وذلك لا يخلو عن إعمال نظر واجتهاد، وهو في الموضوعات الخارجية قليل الخطأ، لأن غالب الأمور الخارجية المتشابه تحت جامع واحد و كانت مناطاتها بأيدي العقلاء، فإعمال النظر وتخريج المناط لا يضر بمقاصدهم، وهذا بخلاف الأحكام الشرعية، فان مناطاتها ليست مما تنالها الأفهام، لأن مبنى الشرع على تفريق المجتمعات وجميع المتفرقات، فكان القياس كثير الخطأ في الشرعيات ولذلك نهى الشارع من إعماله، وأين ذلك من سائر الطرق العقلائية الغير المبنية على النظر والاجتهاد؟ فان الخطأ فيها