التي تكون مورد قاعدة الملازمة، وبين الأحكام العقلية الواقعة في سلسلة معلولات الأحكام مما يرجع إلى باب الطاعة والمعصية وما يستتبعهما من الثواب والعقاب الغير المستتبعة لحكم شرعي، لاستلزامه التسلسل المحال، ومن غير فرق بين ما يكون للعقل حكم واحد في صورة العلم والظن والشك كحكمه بقبح التشريع، وبين ما يكون له حكمان: حكم على الواقع المعلوم، وحكم طريقي آخر على المشكوك على طبق الحكم الواقعي، كحكمه بقبح الظلم وقبح الإقدام على ما لا يؤمن منه الوقوع في الظلم، على ما يأتي تفصيل ذلك في محله (إن شاء الله تعالى).
وعلى جميع التقادير: العقل لا يستقل بشئ إلا بعد العلم والالتفات إليه، فالعلم يكون في الأحكام العقلية دائما له دخل على وجه الموضوعية، ومن ذلك حكمه بقبح المعصية، فإنه لا يحكم بذلك إلا بعد العلم بالمعصية و الالتفات إلى أن للمولى إرادة، ومن المعلوم: أنه لا يمكن اعتبار خصوص العلم المصادف للواقع، فان المصادفة وعدمها ليست من الأمور الاختيارية، فلا يمكن أن يكون ذلك مناطا لحكم العقل بقبح المخالفة واستحقاق العقاب، بل العبرة في نظر العقل هو مطلق العلم صادف الواقع أو خالف.
وإن شئت قلت: إن المناط في حكم العقل باستحقاق العقاب هو جهة البغض الفاعلي وحيثية صدور الفعل الذي يعلم بكونه مبغوضا للمولى، من دون دخل للواقع في ذلك فان الإرادة الواقعية مما لا أثر لها عند العقل إلا بعد الوجود العلمي، وهذا المعنى كما ترى مشترك بين العاصي والمتجري