المصادفة للواقع والمخالفة، بل القبح الفاعلي في صورة المصادفة أتم وأكمل، فلو كان القبح الفاعلي مناطا للخطاب فلابد وأن يكون الخطاب على وجه يعم صورة المصادفة والمخالفة، بأن يقال: لا تشرب معلوم الخمرية، فان هذا العنوان يعم كلتا الصورتين.
ولكن الخطاب على هذا الوجه أيضا لا يمكن، لا لمكان أن العلم لا يكون ملتفتا إليه غالبا والفاعل لا يشرب الخمر بعنوان أنه معلوم الخمرية، بل بعنوان أنه خمر، فان الالتفات إلى العلم من أتم الالتفاتات، بل هو عين الالتفات ولا يحتاج إلى التفات آخر، ولو لم يمكن أخذ العلم موضوعا في المقام فكيف يعقل أخذه موضوعا لحكم آخر؟ وهل يمكن الفرق بين مواضع أخذ العلم موضوعا؟ مع أن صاحب الدعوى سلم إمكان أخذ العلم موضوعا لحكم آخر، فهذا لا يصلح أن يكون مانعا لتوجيه الخطاب كذلك، كما لا يصلح عدم ثبوت المصلحة والمفسدة في المتعلق في صورة المخالفة لأن يكون مانعا عن الخطاب، لأن صحة الحكم لا تدور مدار وجودهما في المتعلق بعد ما كان القبح الفاعلي مناط للخطاب، بل المانع من ذلك هو لزوم اجتماع المثلين في نظر العالم دائما وإن لم يلزم ذلك في الواقع، لأن النسبة بين حرمة الخمر الواقعي و معلوم الخمرية هي العموم من وجه، وفي مادة الاجتماع يتأكد الحكمان - كما في مثل أكرم العالم وأكرم الهاشمي - إلا أنه في نظر العالم دائما يلزم اجتماع المثلين، لأن العالم لا يحتمل المخالفة ودائما يرى مصادفة علمه للواقع، فدائما يجتمع في نظره حكمان، ولا يصلح كل من هذين الحكمين لأن يكون داعيا و محركا لإرادة العبد بحيال ذاته، ولا معنى لتشريع حكم لا يصلح الانبعاث عنه ولو في مورد، وفي مثل أكرم العالم وأكرم الهاشمي يصلح كل من الحكمين للباعثية بحيال ذاته ولو في مورد افتراق كل منهما عن الآخر، وفي صورة الاجتماع يلزم التأكد، فلا مانع من تشريع مثل هذين الحكمين. بخلاف المقام، فإنه لو فرض أن للخمر حكم ولمعلوم الخمرية أيضا حكم، فبمجرد