بالفعل منقسم إلى ما يكون حلالا وإلى ما يكون حراما، وذلك لا يتصور إلا في الشبهات الموضوعية.
وأما الشبهات الحكمية: فليس القسمة فيها فعلية وإنما تكون القسمة فيها فرضية، - أي ليس فيها إلا احتمال الحل والحرمة - فان شرب التتن الذي فرض الشك في كونه حلالا أو حراما ليس له قسمان: قسم حلال وقسم حرام، بل هو إما أن يكون حراما وإما أن يكون حلالا، فلا يصح أن يقال: إن شرب التتن فيه حلال وحرام، إلا بضرب من التأويل والعناية التي لا يساعد عليها ظاهر اللفظ.
فكلمة " فيه " ظاهرة في اختصاص الحديث في الشبهات الموضوعية، وكذا كلمة " بعينه " فان معرفة الشئ بعينه إنما يكون في الموضوعات الخارجية (1) ولا معنى لأن يقال: حتى تعرف الحكم بعينه.
ومن ذلك يظهر: اختصاص قوله - عليه السلام - " كل شئ لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه " بالشبهات الموضوعية، فإنه لولا كلمة " بعينه " كان الخبر عاما للشبهات الحكمية والموضوعية، كقوله - عليه السلام - " كل شئ لك طاهر حتى تعلم أنه قذر " ولكن لفظة " بعينه " توجب ظهور الخبر في الشبهات الموضوعية.
وقد استدل للبرائة بقوله - صلى الله عليه وآله - " الناس في سعة ما لا يعلمون " (2) وفي دلالته تأمل إلا على بعض الوجوه.