والذي يرشد إلى ما ذكرناه: من أن الذي دعاه إلى القول باعتبار خصوص الظن بالطريق ذلك، هو أنه قد جعل دليل الانسداد من جملة الأدلة الدالة على حجية الخبر الواحد.
قال (قدس سره) في ذيل كلامه المتقدم: " ولا ريب أن الخبر الواحد إن لم يكن من الطرق القطعية فهو من الطرق الظنية، للوجوه التي ذكرناها، فيجب العمل به، وهو المطلوب " انتهى.
والظاهر: أن يكون مراده من " الطرق " في قوله: " كذلك نقطع بأن الشارع قد جعل لنا إلى تلك الأحكام طرقا مخصوصة " هي الطرق العقلائية التي قد أمضاها الشارع ولم يردع عنها. وليس غرضه من الجعل الشرعي تأسيس الشارع طرقا مخصوصة مخترعة من قبله ليس لها عند العقلاء عين ولا أثر، فان ذلك بعيد غايته لا ينبغي دعواه.
كما أن الظاهر أن يكون مراده من قوله: " ومرجع هذين القطعين عند التحقيق إلى أمر واحد، وهو القطع بأنا مكلفون تكليفا فعليا بالعمل بمؤدى الطرق المخصوصة " هو انحلال العلم الإجمالي المتعلق بالأحكام الشرعية إلى العلم التفصيلي بما تضمنته تلك الطرق والشك البدوي بما عداها إذا كانت مؤديات الطرق بقدر المعلوم بالإجمال من الأحكام - كما هو المفروض - لأن الطرق المنصوبة إلى الأحكام لابد وأن تكون وافية بها. وليس غرضه تقييد الأحكام الواقعية إلى مؤديات الطرق أو صرفها إليها، فان ذلك من التصويب الباطل الذي يخالف المذهب، فلا يليق ب " صاحب الفصول " الالتزام به، فلابد وأن يكون مراده من التكليف بالعمل بمؤدى الطرق هو العمل بالأحكام الواقعية التي تؤدى إليها الطرق بحسب دليل الحجية وجعلها محرزة لها، فيرجع حاصل كلامه بعد توجيهه - وإن كانت خلاف ظاهره - إلى أنا وإن علمنا بثبوت الأحكام الواقعية الفعلية، إلا أنه علمنا أيضا بنصب طرق مخصوصة - تأسيسية كانت أو إمضائية - وافية بالمعلوم بالإجمال من الأحكام، فالواجب علينا امتثال