الضرر (1) هو أن للعقل في باب الضرر الدنيوي حكم واحد بمناط واحد يعم صورة القطع والظن بل الاحتمال العقلائي، نظير حكمه بقبح التشريع، لا أنه للعقل حكمان: حكم على الضرر الواقعي، وحكم آخر طريقي على ما لا يؤمن منه من الوقوع في الضرر، نظير حكمه بقبح الظلم.
وعلى كل حال: سواء قلنا: بأن حكم العقل في موارد احتمال الضرر طريقي أو موضوعي، فحيث كان هذا الحكم العقلي واقعا في سلسلة علل الأحكام فيستتبع الحكم الشرعي بقاعدة الملازمة على طبق ما حكم به العقل، فان كان الحكم العقلي طريقيا فالحكم الشرعي المستكشف منه أيضا يكون طريقيا، نظير ايجاب الاحتياط في باب الدماء والفروج، وإن كان موضوعيا فالحكم الشرعي أيضا يكون كذلك، ولا يمكن أن يختلف الحكم الشرعي عن الحكم العقلي في الموضوعية والطريقية، بل يتبعه في ذلك لا محالة.
وهذا الحكم العقلي الطريقي أو الموضوعي المستتبع للحكم الشرعي على طبقه يكون حاكما على أدلة الأصول الشرعية: من البراءة والاستصحاب (2) كما يكون واردا على البراءة العقلية، فإنه يخرج المورد عن كونه " ما لا يعلمون " وعن " نقض اليقين بالشك " وعن كون " العقاب عليه بلا بيان " بل يكون " ما يعلمون " ومن " نقض اليقين باليقين " ومن " كون العقاب عليه عقابا مع البيان الواصل " ويأتي لذلك مزيد توضيح (إن شاء الله تعالى).