لزوم الخروج عن الدين إلى أن الشارع أراد من العباد التعرض للوقايع المشتبهة ولم يرخص لهم إهمالها، فالعقل يحكم حكما ضروريا بأنه لابد للشارع من نصب طريق للعباد ليتمكنوا من امتثال التكاليف الثابتة في الوقايع المشتبهة، ولابد وأن يكون الطريق المجعول واصلا إلى العباد، إما بنفسه، وإما بطريقه، والطريق الذي يصح جعله في حال انسداد باب العلم والعلمي مع كونه واصلا بنفسه ينحصر بالاحتياط، فإنه الطريق الواصل بنفسه لكونه محرزا للواقع وموصلا إليه فعلى هذا يكون الاحتياط في الوقايع المشتبهة طريقا مجعولا شرعيا، نظير الاحتياط في باب الدماء والفروج. وليس من الاحتياط العقلي، فان الاحتياط العقلي هو الذي يحكم به العقل في أطراف العلم الإجمالي، ومحل الكلام إنما هو فيما إذا كان المدرك لعدم جواز إهمال الوقايع المشتبهة الإجماع أو الخروج عن الدين، لا العلم الإجمالي، وليس للعقل الحكم بالاحتياط في غير العلم الإجمالي، وإلا يلزم أن يكون احتمال التكليف في نظر العقل منجزا للواقع ليحكم بالاحتياط في الوقايع المشتبهة مع قطع النظر عن ثبوت العلم الإجمالي فيها، وهو كما ترى! فان مجرد احتمال التكليف لا يكون منجزا عند العقل مع انسداد باب العلم به على المكلف.
وبالجملة: لا إشكال في أن الاحتياط يكون طريقا مجعولا شرعيا إذا كان المستند في المقدمة الثانية هو الإجماع أو الخروج عن الدين، فإنه لا طريق