فوائد الأصول - الشيخ محمد علي الكاظمي الخراساني - ج ٣ - الصفحة ٢٢٠
العقاب، ودفع العقاب المحتمل كالمظنون مما يلزم به العقل " ضعيف غايته، فإنه كيف يحتمل العقاب مع عدم اعتبار الظن وعدم كونه منجزا للتكليف، بل ينبغي القطع بعدم العقاب لاستقلال العقل بقبحه.
وإن أريد من " الضرر " غير العقاب من المصالح والمفاسد الكامنة في متعلقات التكاليف - بناء على ما ذهب إليه المشهور من العدلية من تبعية الأحكام للمصالح والمفاسد الراجعة إلى العباد لاستغنائه (تعالى) عن ذلك - فالظن بالتكليف يلازم الظن بالمصلحة والمفسدة، لأن المصالح والمفاسد من الأمورات الواقعية التكوينية ولا تأثير للعلم والجهل بها، ولا يمكن أن يدور وجودها الواقعي مدار العلم بالتكليف، فالظن به يلازم لا محالة الظن بها، إلا أن الشأن في كون فوت المصالح أو الوقوع في المفاسد من المضار الدنيوية ليندرج الظن بها في صغرى حكم العقل بلزوم دفع الضرر المظنون.
والإنصاف: أنه ليس كذلك، فان التكليف المظنون، إما أن يكون من العبادات التي تتوقف على قصد الامتثال، وإما أن يكون من التوصليات.
فان كان من العبادات: فالمصلحة فيها تدور مدار قصد الامتثال، وهو يدور مدار العلم بالتكليف أو ما يقوم مقامه (1) ليتمكن المكلف من قصد الامتثال، فالظن بالحكم مع عدم قيام الدليل على اعتباره لا يصحح قصد الامتثال، بل لا يتمكن المكلف من ذلك إلا على نحو التشريع المحرم، فحال المصلحة في العبادات حال العقاب في عدم الملازمة بين الظن بالحكم وبين الظن بها، فالظن بالأحكام العبادية لا يندرج في صغرى حكم العقل بلزوم

(1) أقول: ذلك يصح على فرض احتياج العبادة إلى القربة الجزمية، ومعه ينسد باب الاحتياط في العبادات، خصوصا في الشبهات البدوية، ولا أظن التزامه ممن كان خالي الذهن من الشبهات، كيف وهو ديدن الصلحاء والعباد في الاحتياط في قضاء صلاتهم وغيرها.
ولئن سلمنا ما أفيد، لنا أيضا أن نقول: إنه في فرض تمكنه من تحصيل العلم لو ترك ذات العبادة فقد احتمل فوت المصلحة الملزمة، ومع تسليم كون فوات المصلحة من الضرر يحتمل إقدامه على الضرر.
(٢٢٠)
مفاتيح البحث: الجهل (1)، الظنّ (5)، الضرر (4)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 ... » »»
الفهرست