عدا المورد، لأنه كان مورد نزول الآية الشريفة هو الأخبار بالارتداد، وهو لا يثبت إلا بالبينة - كما هو الشأن في جميع الموضوعات الخارجية - فإنه لا تثبت بخبر الواحد إلا ما قام الدليل بالخصوص عليه، وإلا فحجية الخبر الواحد تختص بالأحكام، فلابد من تقييد عموم المفهوم بما ينطبق على المورد، وحيث إن المورد مما لا يقبل فيه خبر الواحد فلا يدل المفهوم على حجية خبر العدل.
وفيه: أن المورد إنما كان إخبار " الوليد الفاسق " بارتداد " بنى المصطلق " والآية الشريفة إنما نزلت في شأنه لبيان كبرى كلية، والمورد داخل في عموم الكبرى وهي قوله تعالى: " إن جائكم فاسق بنبأ فتبينوا " فان خبر الفاسق لا اعتبار به مطلقا، لا في الموضوعات ولا في الأحكام. وأما المفهوم فلم يرد كبرى لصغرى مفروضة الوجود والتحقق، لأنه لم يرد في مورد إخبار العادل بالارتداد، بل يكون حكم المفهوم من هذه الجهة حكم سائر العمومات الابتدائية التي لم ترد في مورد خاص قابل للتخصيص بأي مخصص. فلا مانع من تخصيص عموم المفهوم بما عدا الخبر الواحد القائم على الموضوعات الخارجية، ولا فرق بين المفهوم والعام الابتدائي، سوى أن المفهوم كان مما تقتضيه خصوصية في المنطوق استتبعت ثبوت المفهوم، وإلا فهو كالعام الابتدائي الذي لم يرد في مورد خاص، ولا ملازمة بين المفهوم والمنطوق من حيث المورد حتى إذا كان المنطوق في مورد خاص فالمفهوم أيضا لابد وأن يكون في ذلك المورد، بل القدر اللازم هو أن يكون الموضوع في المنطوق عين الموضوع في المفهوم، فتأمل.
ومما ذكرنا ظهر فيما أجاب به الشيخ (قدس سره) عن الإشكال بقوله: " وفيه أن غاية الأمر لزوم تقييد المفهوم بالنسبة إلى الموضوعات بما إذا تعدد المخبر العادل فكل واحد من خبر العدلين في البينة لا يجب التبين فيه، وأما لزوم إخراج المورد فممنوع، لأن المورد دخل في منطوق الآية لا مفهومها، وجعل أصل خبر الارتداد موردا للحكم بوجوب التبين إذا كان المخبر به فاسقا ولعدمه