التامة الخبرية والإنشائية له دلالة تصورية ودلالة تصديقية، ونعني بالدلالة التصورية دلالة مفردات الكلام على معانيها اللغوية والعرفية، وبالدلالة التصديقية دلالة جملة الكلام على ما يتضمنه من المعنى، فقد تكون دلالة الجملة على طبق دلالة المفردات - كما إذا لم يحتف بالكلام قرينة المجاز والتقييد والتخصيص ونحو ذلك مما يوجب صرف مفاد جملة الكلام عما يقتضيه مفاد المفردات - وقد يكون مفاد دلالة الجملة مغايرا لمفاد دلالة المفردات - كما إذا احتف بالجملة ما يوجب صرفها عما يقتضيه مفاد المفردات - ولذا كانت الدلالة التصديقية تتوقف على فراغ المتكلم من كلامه، فان لكل متكلم أن يلحق بكلامه ما شاء من القرائن، فما دام متشاغلا بالكلام لا ينعقد لكلامه الدلالة التصديقية، فإنه لا يصح الأخبار بما قال ونقل كلامه بالمعنى أو ترجمته بلغة أخرى إلا بعد الفراغ من الكلام، حتى يصح ضم أجزاء الكلام بعضها مع بعض وإلحاق ذيله بصدره ليخبر عن مفاد الجملة، فلا يصح الإخبار بأن المتكلم قال، " رأيت حيوانا مفترسا " عقيب قوله: " رأيت أسدا " إلا إذا سكت المتكلم ولم يلحق " أن يرمى " بقوله " رأيت أسدا " وتستتبع هذه الدلالة التصديقية الدلالة على أن الظاهر هو المراد الذي كان مبحوثا عنه سابقا، فان التصديق بأن الظاهر هو المراد إنما يكون بعد فرض انعقاد الظهور للكلام ليصح الإخبار بما قال، فيقال: قال كذا وما قاله هو المراد.
وهذا بخلاف الدلالة التصورية، فإنه في حين تشاغل المتكلم بالكلام تكون لمفردات كلامه هذه الدلالة، فان السامع للكلام العارف بالأوضاع ينتقل ذهنه إلى مفاد المفردات، وإن كان المتكلم بعد متشاغلا بالكلام، وذلك واضح.
ثم إن المتكفل لإثبات مفاد الدلالة التصديقية التركيبية إن كان مفادها على خلاف ما يقتضيه مفاد المفردات إنما هو القرائن التي تحتف