من حيث تعذر الوطء ذكر ما يمكن أن يشاركها في الحكم وهو المريضة والرتقاء والقرناء، ونبه المصنف على الفرق بينها وبين الصغيرة بأن الاستمتاع بالرتقاء والقرناء ممكن في ما دون الفرج وظهور العذر فيه من حيث كونه مانعا دائما، فلا يناسب إدامة الحبس عليها مع عدم النفقة، بخلاف الصغيرة فإن لها أمدا يرتقب، وأما المريضة فإن الوطئ وإن تعذر لها مطلقا إلا أن ذلك عارض متوقع الزوال كالحيض فلا يؤثر، إنتهى.
أقول: لا يخفى ما في هذه التعليلات العليلة في بيان الفرق بين الصغيرة وغيرها مما ذكر هنا من الوهم وعدم صلوحها لتأسيس الأحكام الشرعية المبنية على التوقيف من صاحب الشريعة.
على أن لقائل أن يقول: إن إمكان الاستمتاع بما دون الوطئ الذي جعلوه موجبا للنفقة في هذه الأفراد المذكورة يجري في الصغيرة، إذ المحرم إنما هو وطؤها الذي ربما أوجب افضاؤها، وأما الاستمتاع بها بالملاعبة ونحوها فهو ممكن كما في أولئك، فلم لا تجب لها النفقة!
وبالجملة فالجميع مشتركة في العذر المانع من الوطئ وإن تفاوتت، باعتبار كون عذر الصغيرة مرجو الزوال، وعذر أولئك ليس كذلك، ومشتركة في إمكان الاستمتاع بغير الجماع فلا فرق حينئذ، والحق الحقيق بالاتباع الذي لا يحتاج إلى تكلف ولا يتطرق إليه النزاع هو اشتراك الجميع في وجوب النفقة نظرا إلى عموم الآيات والروايات التي قد اعترف سابقا فيما قدمنا من كلامه بأن مقتضاها ترتب وجوب النفقة على مجرد تحقق الزوجية، وهؤلاء كملا أزواج بغير خلاف ولا إشكال، فتجب لها النفقة على كل حال، والركون إلى خلاف ذلك - بناء على هذه التكلفات البعيدة والتخريجات الغير السديدة - مجازفة محضة في أحكامه.