ونفى عنه العلامة - رحمة الله عليه - البأس، ولا يخفى أنه مجرد قياس لا يخرج عن ظلمة الالتباس.
الثاني: اختلف الأصحاب فيما لو طلق الأمة مريضا طلاقا رجعيا، أو الكتابية، ثم أعتقت الأمة وأسلمت الكتابية في العدة ومات في مرضه، فقيل بأنهما ترثان في العدة ولا ترثان بعدها، لانتفاء التهمة، لأن الأمة والكتابية لا ترثان وقت الطلاق.
وقيل، إنهما ترثان مطلقا ولو بعد العدة، لوجود المقتضي للإرث - وهو الطلاق في المرض - وانتفاء المانع، إذ ليس هنا إلا كونهما غير وارثين وقت الطلاق، وهو لا يصلح للمانعية، لأن المعتبر استحقاق الإرث حال الحكم به، والمفروض أنهما حال الموت حرة مسلمة.
وأنت خبير بأن القولين المذكورين متفرعان على الخلاف المتقدم ذكره من أن الموجب للميراث بعد العدة أو كون الطلاق بائنا هل هو مجرد إطلاق الأخبار الدالة على أن المريض إذا طلق امرأته في حال مرضه ورثته إلى سنة؟ أو أن الموجب إنما هو حصول التهمة بكون طلاقه لها لقصد حرمانها من الميراث؟
فالقول الثاني وهو القول بميراثها مطلقا يتفرع على الأول، والأول على الثاني.
وقيل في المسألة أيضا قول ثالث، وهو أنها لا ترث (1) وإن انتفت التهمة وعلل بأنه طلقهما في حال لم يكن لهما أهلية الإرث، والمفروض كون الطلاق بائنا، فلم يصادف وقت الإرث أهليتهما له للبينونة ولا وقت الطلاق لوجود المانع وهو الرق والكفر.
ونقل عن فخر المحققين أنه استدل على هذا القول بأن النكاح الحقيقي لم يوجب لهما الميراث فكيف الطلاق. واعترضه في المسالك بمنع أن النكاح لا يوجب الميراث، قال: بل هو موجب له مطلقا، ولكن الكفر والرق مانعان من الإرث إذ الاسلام والحرية شرط فيه، وتخلف الحكم عن السبب لوجود مانع